حينما تريد أن تستثمر أو تتعامل مع شركة، فأول ما تتأكد منه كفاءة الإدارة في هذه الشركة، فكم من شركة توافرت لها جميع أسباب النجاح وتعثرت بسبب سوء الإدارة، وكم من شركة إمكاناتها محدودة لكن إدارتها جيدة وحققت النمو وتدرجت في سلم النجاح. وبعد هذه الحقيقة المعروفة أود أن أضيف أن الإدارة لا تعني أبدا الإدارة التنفيذية فقط، وإنما يضاف إليها مجلس الإدارة الذي يرسم السياسات ويختار المديرين ويراقب التنفيذ، ومن هنا فإن حسن الاختيار الذي أشرت إليه في العنوان يعني اختيار رئيس المجلس والأعضاء أيضا. وسأتحدث عن نماذج من رؤساء وأعضاء مجالس الإدارات. وفي عصر الحوكمة والشفافية الذي تعيشه بلادنا اليوم يجب أن يكون الاختيار أفضل بكثير، وعن الماضي أقول من واقع تجربة: إن الرؤساء ينقسمون إلى ثلاثة أقسام، فمنهم من يختصر مدة الجلسات ولا يعطي الوقت للمداخلات بحجة أن وقته ثمين، ولذا لا داعي للدخول في التفاصيل وليس على الأعضاء إلا السمع والطاعة. أما القسم الثاني فيكون الرئيس ممن يطيل في الحديث ويسمح للآخرين بأحاديث مطولة أيضا حتى لو كانت غير مركزة، وبهذا تستغرق الاجتماعات أوقاتا طويلة لا مبرر لها، أما النوع الثالث فهو الوسط الذي يستمع حينما يكون الكلام مفيدا ويوقف المتحدث بلطف حينما يخرج الحديث عن الموضوع الذي طرح للمناقشة، وهذا فن إدارة الجلسات الذي لا يجيده إلا القلائل. ومن الصفات التي يجب أن تتوافر في رئيس مجلس الإدارة أن يطرح أفكارا غير عادية لرفع كفاءة إدارة الشركة، وأن يأخذ على عاتقه إقناع الأعضاء بهذه الأفكار وأهمها اختيار المديرين الجيدين من أبناء البلاد بدل الاعتماد على مديرين من جنسيات أخرى، خاصة بعد توافر المؤهلين من أبناء وبنات بلادنا. وعن أعضاء المجالس أقول: إن بعضهم صامت لا يتحدث، بل ويحضر ظرف جدول الأعمال مغلقا كما هو وإذا "سكت دهرا" نطق بما يخالف ما هو موجود في جدول الأعمال. أما النوع الثاني فكثير الحديث في كل شيء وسباق لمقاطعة كل متحدث ويدعي أنه الفاهم الوحيد. ويبقى النوع الثالث الذي لا يتحدث إلا إذا كانت لديه نقاط إيجابية ويطرحها بأسلوب مختصر ومقنع في الوقت نفسه. وأخيرا: نخرج من كل ذلك بالقول: إن من الأهمية أن تحرص الجهات المختصة على حسن اختيار أعضاء مجالس الإدارات كما أن على الأعضاء اختيار الرئيس الأجدر علما وحكمة واطلاعا. ولعل وزارة التجارة وهيئة السوق المالية والبنك المركزي السعودي تتعاون في عقد ورش عمل لتأهيل من يرغبون في ترشيح أنفسهم لمجالس الإدارات وعقد لقاءات معهم لمعرفة إمكاناتهم في طرح الآراء والحوار الإيجابي، ويتعين على كل من يرشح نفسه حضور هذه الورش المعتمدة من الجهات المختصة. نقلا عن (الاقتصادية)