المجتمعات البشرية على مرّ التاريخ وبمختلف تركيباتها السياسية والقبلية والإثنية جرّمت فعل الخيانة بكل معانيها، وتعددت أنواع الخيانات ولسنا بصدد سردها، فالمقصد هي خيانة الأوطان والدين. وفي كل شرائع الأرض يكون القتل عقوبة تلك الخيانة، والتي تفردت بمسمى (الخيانة العظمى). هناك جرائم قد يكون فيها غفران وصفح بالرغم من الألم، إلا جريمة الخيانة لا يوجد لها على مرّ التاريخ مساحة للعودة وبناء الثقة. فالذي يخون يكون مدركاً أنه لايوجد طريق للعودة. ولنابليون قصة مع خائن نمساوي باع وطنه لقاء حفنة من النقود، فعندما استقبله نابليون رمى له بالنقود على الأرض احتقارًا له وقال: مَثل الخائن لوطنه .. كمَثل السارق من مال أبيه ليطعم اللصوص .. فلا أبوه يسامحه .. و لا اللصوص تشكره .. فمن يبيع وطنه لقاء حفنة من مال.. يكون قد باع عزته وكرامته وأصبح منبوذًا مشردًا حتى عند من اشتراه، وهذا ديدن الدنيا على مرّ العصور ؛ نظرًا لما يسببونه من ويل ودمار على البشر بسبب خياناتهم، يقول الله عزّ وجل في سورة المائدة: إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلَافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ۚ ذَٰلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا ۖ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ. من يُعين عدوًا للوطن فهو خائن لدينه وأرضه وولي الأمر ، ومن يحاول تجميل صورة الخائن ويطالب بالعفو عنه إما جاهل غير مدرك أو خائن جديد مستتر. فكل من طعن في دولتنا وقيادتها فهو خائن ولا نقبل له توبة، وكل من أساء لدولتنا محاولاً الإضرار بها على أي صعيد كان فهو خائن ومن يعينه فقد خان. نعلم أن المال القطري القذر قد اشترى شرذمة من الخونة، ومهما طال بهم الزمن في خيانتهم فهم في خزي وخوف وذعر ومذلة ومهانة. ليس ضرورياً أن يكونوا سعوديين ولكن من يتعاون معهم فهو مثلهم. فالخيانة تمسح كلمة الثقة من القاموس. لا يستطيع أحد أن يأمن جانبه. ختاماً .. حتى لو بعت ضميرك بالملايين لأول مرة. سوف تبيعه بالملاليم للمرات القادمة ، وتصبح رخيصاً جدًا في نظر الناس.. كل شيء يُغفر إلا خيانة الأمانة فهي الوحيدة التي ليس لها طريق عودة ، والله المستعان.