صدق من قال “رب ضارة نافعة”.. فقد أدى توقف الأنشطة الاقتصادية وإغلاق المصانع والقيود على حركة النقل والمواصلات في الصين بسبب فيروس كورونا (كوفيد-19)، إلى تحسن ملحوظ في جودة الهواء بسبب حدوث انخفاض كبير في انبعاث الملوثات والتي غالبا ما تأتي من المصانع وحركة المرور، حيث بقي الناس في المنازل وتوقفت الصناعة. وفي إيطاليا التي باتت ثاني أكبر بؤرة للوباء بعد الصين من حيث الإصابات والوفيات، فقد انخفص تلوث الهواء في شمالها بشكل كبير بسبب إغلاق تام للمصانع وحظر السفر. فقد لُوحظ انخفاض واضح في انبعاثات ثاني أكسيد النيتروجين، وهو غاز ضار يخرج من محطات توليد الطاقة والسيارات والمصانع. وبحسب وكالات الأخبار فقد كشفت صور من الأقمار الصناعية أن تلوث الهواء في شمالي إيطاليا قد انخفض بشكل حاد بسبب إغلاق البلاد خوفا من تفشي الفيروس. وفي مدينة البندقية في إيطاليا، فقد لاحظ السكان المحليين أن القنوات المائية أصبحت أكثر وضوحاً. وقال مكتب عمدة البندقية في حديث مع موقع CNN أن سبب وضوح مياه البندقية هو قلة حركة القوارب التي تجلب الرواسب إلى سطح الماء. مشيرًا إلى أنه قد لا تنخفض نسبة تلوث المياه، لكن ما هو مؤكد تحسن جودة الهواء. وكذلك ولأول مرة منذ 60 عاما عادت طيور البجع وحيوانات الدلافين الى قنوات البندقية، وانتشرت مقاطع لظهور الدلافين في قنوات البندقية. ولُوحظ نقاء مياه القنوات بعد توقف للقوارب والرحلات السياحية في هذه المدينة المشهورة بقواربها وقنواتها المائية، وهي من أكبر مناطق الجذب السياحي في إيطاليا والعالم. وبحسب علماء فإن فيروس كورونا الجديد استطاع أن يقضي على نسبة كبيرة من انبعاثات الغازات الدفيئة المدمرة في الصينوإيطاليا. وربما الأمر نفسه في دول أخرى أوقفت عجلة المصانع والمواصلات وحركة الناس. وبالنسبة لدولة مثل الصين تعاني كثيرًا من مشكلة “تلوث الهواء” إلى درجة أن صار سامًا ويتسبب في قتل مئات الصينيين كل يوم، وتعد الصين وبعض مدنها الكبيرة والصناعية من بين أكثر دول ومدن العالم تلوثا، وتعمل الحكومية الصينية على خطة سنوية للسيطرة على تلوث الهواء، وتتعهد دائما بخفض انبعاثات ثاني أكسيد الكبريت وثاني أكسيد النيتروجين، ويبدو أن هذا الفيروس قد ساهم عاجلا بنتائج إيجابية في خطة تقليل تلوث الهواء الذي يحدث غالبا بسبب استهلاك الفحم في المصانع، ويعد الفحم مصدر عال المستوى من التلوث. وكشفت إحصائيات سابقة أن عدد الصينيين الذين يموتون يوميا بشكل مباشر وغير مباشر بسبب التلوث البيئي، يترواح ما بين الألفين والخمسة آلاف شخص، وعلميا يعرف “تلوث الهواء” في الصين ب “الوباء الصامت”، وهو أكثر خطورة من معظم الفيروسات.