إن وجود الحق لا يكفي للمطالبة، وإنما يجب على صاحب الحق إثباته حتى يقضى له بهذا الحق، لذا اعتنى النظام القضائي في الإسلام عناية شديدة ب (وسائل الإثبات) لكل دعوى، فجاء مبينا في أحاديث عدة، ومنها على سبيل المثال لا الحصر، قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((البينة على المدعي واليمين على من أنكر)). ويعرف الإثبات: بإقامة الحجة أمام القضاء بالطرق التي حددتها الشريعة على حق أو واقعة تترتب عليها آثار شرعية. حيث يجب أن يكون هذا الدليل منتج ومثمر وليس دليل لا يقدم ولا يؤخر كما يجب أن يكون بالطرق التي حددتها الشريعة وليس طرق ملتوية أو محرمة أو مشبوهة. أورد المنظم السعودي أدلة الاثبات وإجراءاتها في نظام المرافعات الشرعية في الباب التاسع، وتتمثل هذه الأدلة في ثمانية طرق هي: (استجواب الخصوم، الإقرار القضائي، المعاينة، اليمين، الشهادة، الخبرة، الكتابة، القرائن). سنسلط الضوء في مقالنا هذا حول الوسيلة الرابعة (اليمين)، والذي يراد به القسم والحلف فكلامها ألفاظ مترادفة. يكفي باليمين لفظ الجلالة، كما أنه لا يشترط أي لفظ من ألفاظ الجلالة وهو ما تفق عليه جمهور الفقهاء من الحنفية والشافعية والحنابلة باستثناء المالكية فذهبوا بأنه لا يكتفى في القسم بلفظ الجلالة بل يضاف إليها عبارة “الذي لا إله الا هو”. كما لا يمنع من إضافة ما من شأنه تعظيم اليمين وتغليظه على الحالف بذكر بعض أسماء وصفات الله تعالى، ولأن تغليظ اليمين جائز في قول عامة الفقهاء، وتغليظ اليمين مسألة تقديره للقاضي فيجوز تغليظها أو تركها حسب الشيء المحلوف عليه مثل: ما له خطر كأحكام الأبدان والمال الكثير. لليمين أنواع قد تكون في جانب المدعي وقد تكون في جانب المدعى عليه، يمين المدعى عليه: هي يمين يوجهها القاضي للمدعى عليه بطلب من المدعي وبإذن من القاضي. وهي بالغالب تكون في حال أنكر المدعى عليه للدعوى وعجز المدعي عن إثبات دعواه وتسمى (باليمين الحاسمة أو اليمين الاصلية). أما اليمين التي يمكن أن توجهه للمدعي ثلاثة أنواع: – اليمين المكملة والمتممة: وهي التي يؤديها المدعي لتقوي جانبه مثل: في حال لم يكن لديه سوى شاهد واحد. – اليمين المردودة على المدعي: وهي التي ترد على المدعي في حال نكول المدعى عليه، حيث إن مجرد نكول المدعى عليه لا يعتبر بينة كاملة موجبة للحق. – يمين الاستظهار: تسمى بيمين الاستيثاق وهل التي يطلبها القاضي من المدعي بعد إتمام البينة. ماذا لو ظهرت البينة التي عجز المدعى تقديمها قبل اليمين؟ أجاب جمهور الفقهاء أن اليمين ما هي إلا إنهاء الدعوى فهي إنهاء مؤقت يمكن أن تعاد مرة أخرى إذا قدم المدعي البينة ويقولون: “إن البينة العادلة أولى من اليمين الفاجرة”.