بعث إلينا القارئ (حسام) بسؤال عن الدعاوى الكيدية، ويفيد أن أحد الأشخاص قد أقام عليه دعوى كاذبة وباطلة قصد منها الإضرار به وبسمعته لا غير، فما حكم المطالبة بالتعويض عن هذه الدعوى الكاذبة في حقه؟ عند الحديث عن الدعاوى الكيدية أو الكاذبة فإن المقام يقتضي وضع معيار أو ضابط لتحديد ما إذا كانت الدعوى كيدية وباطلة أم لا، فمن السهولة بمكان القول بأن هذه الدعاوى كيدية، ولكن الصعوبة تكمن في إثبات ذلك. في البدء نقول إن حق رفع الدعوى مكفول لكل مواطن ومقيم في المملكة متى توافرت شروط معينة منها أن يكون للمدعي مصلحة مباشرة وقائمة في المطالبة والأصل أن تكون المصلحة قائمة بمعنى أن الضرر متحقق كامتناع المدعى عليه عن دفع النفقة اللازمة أو تسليم المبيع أو ثمنه. إلا أن في ذات الوقت وحسب ما جاء في نظام المرافعات الشرعية فإنه يجوز قبول الدعوى إذا كان الغرض منها الإحتياط لدفع ضرر محدق أو الاستيثاق لحق يخشى زوال دليله عند النزاع فيه. ومن شروط الدعاوى الصحيحة أيضاً أن يكون الحق المطالب به محتمل الثبوت عقلاً وعادة، فلا تصح الدعوى بما يستحيل ثبوته في العقل والعادة، وأيضاً يشترط في الدعاوى ألا تكون متناقضة لأمر سبق صدوره من المدعي، ويشترط أن يكون الحق الذي يطالب فيه واضح ومحدد، وأن يكون التعبير عنه بصفة جازمة وقاطعة لا تردد فيها. ويترتب على قبول الدعوى الصحيحة قبولها وسماع الدعوى والحكم على المدعى عليه إذ أقر بها، أما إذا أنكر المدعى عليه الدعوى فتسمع بينه المدعي إذا كان له بينة وإلا يمين المدعى عليه على نفي الدعوى، والحكم بالمدعى به على المدعى عليه إذا نكل عن اليمين. أما الدعوى الباطلة أو الكيدية فهي الدعوى التي تخلفت فيها أحد شروط الدعاوى الصحيحة وهنا يظهر دور القاضي بحكم ما لديه من علم ومعرفة للتفريق بين الدعوى الصحيحة والدعوى الكيدية، لأن الدعوى وشروط صحتها وصفاتها أهم ما يجب عليه أن يعرفه القاضي. وبالتالي يكون القاضي هو المعيار في تحديد هل الدعوى كيدية أم لا، فإذا تبين للقاضي أن الدعوى المرفوعة أمامه هي دعوى كيدية فيرفض نظرها ويمكن له أن يحكم المدعي بالتعزير، وذلك للحد من تقديم الدعاوى الكيدية، ويمكن إذا ثبت للمدعى عليه أن إقامة المدعي للدعوى كان كيدياً ولم يكن لمصلحة مشروعة، وكانت تهدف إلى تعطيل انتفاعه بمال أو التشهير به أو إشغاله أو أي ضرر آخر أن يطلب من القاضي الحكم بتعزير المدعي، وله إيضاً المطالبة بالتعويض عما لحقه من ضرر مادي مؤكد بسبب تلك الدعوى، أما الضرر المعنوي فلا يمكن التعويض المادي عنه تبعاً للرأي الراجح عند الفقهاء وهو المعمول به في المحاكم السعودية. لاستفساراتكم القانونية يرجى إرسالها على البريد الإلكتروني [email protected]