يعاني سكان شرق جدة من مصانع للخرسانة الجاهزة بنيت منذ 38 عاما عندما كانت المنطقة أرضا قاحلة، لكنها باتت الآن تعمل بين مناطق سكنية مزدحمة فيها المدارس والمنازل. فهذه المصانع تنفث أدخنتها صباحا بين طلاب وطالبات الحي قبل ذهابهم إلى مدارسهم مروراً بالموظفين مع توجههم إلى أعمالهم ليصل بعد ذلك إلى المنازل مشكلاً كارثة بيئيه في المنطقة، ما أدى إلى انتشار الأمراض الصدرية بين السكان. وبداية قال سليمان المعلم المتحدث باسم أهالي أحياء شرق الخط السريع وعضو مجلس حي السامر ل (عناوين) أن المطالب التي رفعها الأهالي تتضمن نداء لإيجاد حلول سريعة للكسارات ومعامل الخرسانة ونقلها من هذه الأحياء التي بات أطفالها قبل كبارها يعانون من أمراض الربو والحساسية. وأوضح حمدان الزهراني وهو إمام وخطيب جامع في حي السلام "تضررنا من وجود الكسارات التي بات عمرها أكثر من 38 سنة، ولكن لم يكن في تلك السنوات الماضية إلا أرض قاحلة، بينما الآن أصبحت مليئة بالسكان ولا تزال الكسارات والشاحنات تجول وتصول في الحي مسببة معاناة للسكان في مداخل ومخارج الأحياء". وأضاف الزهراني أنه في عام 1425 ه تمت الموافقة من قبل أمين جدة حينها على نقل المصانع والكسارات إلى مواقع أخرى، وتم تأجيل تنفيذ القرار بناء على طلب أصحاب المصانع والكسارات على اعتبار أن أحدا لم يتقدم بشكوى، وأنها منطقة مستودعات، وغير مأهولة بالسكان، ولكن أصبح الضرر واقعا في السنوات الأخيرة، وبناء على ذلك قمنا برفع خطاب مطالبة للمجلس البلدي للنظر في القضية بنقل الكسارات والمصانع". وشارك المواطن عائض المطيري برأيه قائلا أن مشاكل شرق الخط السريع لن تنتهي عند الكسارات مرورًا بنقص الخدمات، فالوضع في الحي مأساوي جدا، ناهيك عن الإزعاج الكبير للشاحنات التي تدخل وتخرج في جميع الأوقات إلى الكسارات ومصانع الخرسانة. أما أبو فواز فيؤكد أنه يذهب كل عدة أيام إلى المستشفى لأخذ جرعات الأكسجين، حيث أصبح يحتاج إلى عدة جرعات بسبب دخان مصانع الخرسانة في المنطقة، في الوقت الذي أصبح جميع أبنائه يعانون من الربو والحساسية، بسبب غبار الكسارات، مشيرا إلى أن المركز الصحي في الحي بسيط، ولا يؤدي الغرض. وأكد خلوفة الأحمري، أن البقاء في الحي أصبح أمرا لا يُطاق في ظل تقاعس أمانة جدة وعدم التفاتها إلى هموم سكان الحي، وأضاف “المشكلة أن الحي أصبح وجهة لكل مخلفات المدينة، فتشليح السيارات، وبحيرة المسك، ومجمع السيارات الهالكة، كلها في حدود الأحياء الشرقية". أما الأضرار الصحية الناتجة عن المصانع والكسارات فيقول الدكتور محمد الشريف استشاري طب الأطفال أن غبار الكسارات يؤدي تهييج الأمراض التي يعاني منها المريض، مثل أمراض الرئة والقلب وتليف أنسجة الرئة وحساسية العين و التهاب وحكة الجلد "الأكزيما". وأضاف الدكتور محمد أن الغبار يؤثر غالباً على الأطفال وكبار السن والمصابين بالربو ومن يعانون من أمراض قلبية، كما أن الأشخاص الأصحاء قد يتعرضون لاضطرابات تنفسية قصيرة المدى. وتجولت (عناوين) في أكثر من أربعين مصنعا لتجد أن سبعة عشر منها فقط قد طبقت الشروط والمعايير التي أقرتها الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة مع تفاوت كبير في نسبة التزامها بتلك الشروط والمعايير في حين لم تجد (عناوين) إلا مصنعاً واحداً فقط حاصل على شهادة النجمة الخضراء لحماية البيئة وشهادة الايزو لإدارة نظام البيئة التي هي شرطاً أساسياً لفتح مصانع الخرسانة في عدة دول مجاورة.