يكاد لا يكون هناك فروق في تعاطي تركياوقطروإيران مع القضايا العربية، خصوصاً تلك التي تمثل تحدياً للأمن القومي العربي، فالدول الثلاث هي خلف جماعة “الإخوان” دائماً، تدعم التنظيم وتأوى رموزه وتبرر أفعاله وتمنحه غطاءً سياسياً أحياناً وإعلامياً دائماً، لا نتحدث هنا عن فوارق طائفية مذهبية أو خلافات بين السُنّة والشيعة، فالأمر لدى “الإخوان” سياسي بالدرجة الأولى، ولدى تركيا عاكس لأطماع إقليمية، ولدى قطر معبر عن لهاث خلف دور يتجاوز حجم الدولة وإمكاناتها، ولدى إيران فاضح لنوايا قديمة متجددة في هدم المجتمعات والسيطرة عليها، أما لدى “الإخوان” فكاشف لانتهازية لا يكاد يمر حدث أو حديث دون أن تمارسها الإخوان على مر العصور. إنها الجهات نفسها التي لا ترضى عن كل إنجاز في الوطن العربي، وتمتعض من كل قرار أو تصرف إيجابي يعود بالنفع على الشعوب العربية، وتسعى دائماً وبمنتهى التفاني، إلى نشر الفوضى وبث ثقافة العنف وتحقيق الخراب في المجتمعات العربية، وكذلك تبرير الإرهاب، وتسوّق في كل مناسبة لجماعة “الإخوان” وتبيّض وجوه رموز الجماعة وقادتها، جيّشت هذه الجهات الآلاف من عناصرها وعملائها، وصوّبت فوهات منصاتها الإعلامية تجاه الحرمين الشريفين وعقدت اتفاقات ووقعت العقود مع من تعتبرهم خبراء ومحللين ليبدأوا معزوفة التجريح والهجوم والتطاول ضم القمم الثلاث التي ستعقد في المملكة العربية السعودية نهاية الشهر الجاري!! صحيح أنها ليست المرة الأولى التي يحتشد “الإخوان” مع قطروتركيا لإفشال مناسبة، هدفها الأساسي تحقيق الاستقرار وحفظ أمن الشعوب ومواجهة الإرهاب، لكن الصدمة التي أصابت محور الشر هذه المرة ليست فقط في بنود وجداول أعمال القمتين الخليجية والعربية التي دعا إليها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز يوم 30 الجاري في مكةالمكرمة، أو القمة الإسلامية الاعتيادية التي تحتضنها السعودية في اليوم التالي، ولكن أيضاً لأن دعوة خادم الحرمين عكست استقرار المملكة وقدرتها الكبيرة على تنظيم ثلاث قمم في يومين متتاليين بما تحتاجه من جهود كبيرة من أجل تنسيق واستقبال وإجراءات لتأمين رؤساء وأعضاء الوفود وتجهيز أماكن الإقامة واللقاءات والاجتماعات، ناهيك بالطبع عن النشاط الإداري واللوجستي الذي يستلزمه حدث ضخم بحجم تلك القمم الثلاث. لا يبدو محور الشر مرتاحاً بالفعل، فالمنصات الإعلامية “الإخوانية” التي تُنفق عليها قطر، والقنوات التي تبث من تركيا، لا تتوقف أبداً عن الكذب والتلفيق وترويج الفبركات حول ما تدعيه من تأثيرات سلبية أصابت الدول التي قررت مقاطعة قطر لدعمها للإرهاب وتشكك دئماً في القدرات والإمكانات السعودية والمصرية والإماراتية والبحرينية في إنجاز أي عمل طالما بقيت المقاطعة لقطر قائمة!! ويدرك الصحافيون والإعلاميون ممن أسهموا في تغطية أحداث كبيرة كالقمم العربية مدى الجهود والنفقات التي تحتاجها قمة يشارك فيها أكثر من زعيم، فما بالك بثلاث قمم يحضرها عشرات من الزعماء ومئات من أعضاء الوفود والإعلاميين والإداريين والضيوف. المسألة هنا لدى محور الشر تتجاوز الموضوعات التي ستناقشها القمم الثلاث، إذ إن الخطاب الإعلامي ل”الإخوان” يبرز إيران باعتبارها الدولة الراعية للإسلام، كما أن التحالف “الإخواني” الإيراني غير خاف عن أي أحد، بل إن رموز تلك الجماعة يفخرون بذلك النظام الإيراني وبينهم من يوزعون صورهم مع قادة إيرانيين متهمين بارتكاب مذابح ضد العرب في العراق وسورية وأماكن أخرى وهم يبتسمون وكأنهم يبلغون العالم بأن الحلف “الإخواني” الإيراني يتجاوز كل التناقضات الطارئة والمذهبية والفكرية، وأن مصالح الطرفين التي تلتقي مع الطموحات التركية والأحلام القطرية ستدفع بالحلف إلى ممارسة الشر تجاه كل طرف يرفع لواء الدفاع عن استقرار المنطقة أو أمنها. وبينما تتألم أطراف المحور قبل القمم الثلاث، جاء ما يزيد ألمها عندما أعلنت الجامعة العربية أن قمة عربية – إفريقية ستستضيفها المملكة قبل نهاية العام الجاري فيزداد الحزن التركي والأسى القطري والحقد الإيراني والفشل “الإخواني”. محمد صلاح نقلاً عن جريدة (الحياة)