ما هي عاداتنا في النوم واليقظة؟ واقع الناس الآن يشهد شيوع ظاهرة السهر ليلًا والاستيقاظ المتأخر، وهناك محفزات للسهر من قنوات تلفزيونية ومواقع التواصل الاجتماعي، والطلعات مع الأصحاب.. وقد توجد دواع مهنية أو دراسية أو مرضية للسهر، وهذه استثناءات مبررة، لكن الكثير من السهر لا يعدو إلا أن يكون للتسلية أو اللهو الفارغ. الفطرة الكونية جعلت الليل سكنًا والنهار حركة ومعاشًا، وقد وصفها القرآن في قوله تعالى: {اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا } سورة غافر: (61). و الاستيقاظ المبكر له مزاياه التي ينالها أهل البكور منها أنه: 1- يمنحك تألقًا ذهنيًا يساعدك على قضاء يوم كامل بنشاط وفعالية، خاصة إذا بدأت يومك بصلاة الفجر. وأثبتت الأبحاث التي أجريت في جامعة تكساس أن الطلاب الذين يدرسون في الصباح الباكر يستطيعون تحقيق نتائج مبهرة، مقارنة مع أولئك الذين ينامون في وقت متأخر. 2- يوفر لك متسعًا من الوقت للتحضير ليومك بشكل مناسب من أداء الصلاة في وقتها وتناول الفطور والاستعداد للذهاب للعمل أو للدراسة بسكينة وهدوء يحول دون الشعور بالتوتر والضغط العصبي لنفاد الوقت، لاسيما عندما تواجه الازدحام المروري في ساعات الذروة الصباحية. 3- يحافظ على الصحة النفسية والبدنية، فالانتظام في النوم والاستيقاظ مبكرًا يضمن ثبات الساعة البيولوجية، الأمر الذي يقي الجسم من أمراض الدماغ والقلب والمعدة. 4- يجعلك أهلًا للبركة التي دعاها النبي -صلى الله عليه وسلم- للمبكرين.. فقال: (اللهم بارك لأمتي في بكورها). صححه الألباني في صحيح أبي داود، وهي بركة تبدو في الوفرة الإنتاجية لأهل البكور. ولتكتسب عادة البكور وتتخلص من عادة السهر إليك هذه الإرشادات: 1- اذهب للنوم باكرًا، وهي خطوة صعبة في البداية، ويمكنك أن تنجح فيها عندما تصلي الفجر وتظل مستيقظًا حتى دنو الليل وستجد نفسك لا محالة تهرع إلى سريرك، هذا في بداية اكتساب العادة، ويحسن أن تحصل على غفوة في وسط النهار فهي قيلولة الطاقة لتواصل اليوم بنشاط. 2- قاوم العقد الشيطانية التي تضرب على قافية الرأس، وتصيبه بالكسل والخمول، قال رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- : «يَعْقِدُ الشَّيْطانُ على قافِيةِ رأسِ أحَدِكُم إذا هُوَ نَامَ ثَلاثَ عُقَدٍ، يَضْرِبُ على كُلّ عُقْدَةٍ مَكانَها: عَلَيْكَ لَيْلٌ طَويلٌ فارْقُدْ، فإنِ اسْتَيْقَظَ وَذَكَرَ اللّه تعالى انْحَلَّت عُقْدَةٌ، فإن تَوْضأ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فإنْ صَلَّى انْحَلَّتْ عُقَدُهُ كُلُّها فأصْبَحَ نَشِيطاً طيب النَّفْسِ، وإلاَّ أَصْبحَ خَبِيثَ النَّفْسِ كَسْلانَ» رواه البخاري. 3- حافظ على الاستيقاظ باكرًا أيام العطلات، فالنوم لمدة طويلة أو مبالغ فيها وقت العطلة يفسد نظام العادة للاستيقاظ باكرًا في الأيام التالية، (ما لم تكن منهكًا للغاية)، ولتحفيزنا على التبكير صبيحة الجمعة جاء في الحديث: (من غسّل واغتسل يوم الجمعة، وبكّر وابتكر، ودنا من الإمام فأنصت، كان له بكل خطوة يخطوها صيام سنة وقيامها، وذلك على الله يسير). رواه الإمام أحمد وهو في صحيح الترغيب والترهيب للألباني. عندما ننجح في البكور الصباحي فإننا نعزز سلوك المبادرة في حياتنا، وتتحول المسألة من اليقظة من النوم إلى يقظة الوعي في عالم لا ينتظر النيام. د.عادل رشاد (نقلاً عن اليوم) الوسوم البركة البكور