لا يستغرب حالياً وجود شباب سعوديين يمتهنون السرقات، فبعضهم تخصص في سرقة السيارات، وآخرين في سرقة المارّة، وآخرين في سرقة البيوت. يتحدث مقيم سوري يقول إنّه لدى خروجه من عمله عند الخامسة عصراً، توجّه راجلاً من خلف المبنى الذي يعمل فيه إلى طريق الملك فهد في الرياض لينتظر شقيقه في الموعد المعتاد يوميّاً، وبينما كان يسير بمحاذاة المبنى المطلّ على طريق الملك فهد توقّفت أمامه سيّارة ونزل منها 4 شباب سعوديين يحملون سكاكيناً وسواطير بهدف إخافته وسرقته، وحاولوا الإمساك به، لكن لطف الله سمح له أن ينزع "جاكيته" ويتركه في أيديهم ويطلق ساقيه للريح. في جدّة كان حليم البنغلاديشي يسير في طريق مزدوج بعد العصر في حي الرويس، فتحلّق حوله 8 شباب صغار لا يتجاوز عمر أكبرهم 16 عاماً، وأوسعوه ضرباً وسرقوا جواله وحافظة نقوده. وفي جدة أيضاً، يعرف أحد شوارع منطقة البلد بشارع الدبّابات، يلجأ فيه اللصوص إلى حيلة جديدة حيث يركبون دبّاباتهم في وقت ذروة ازدحام السيارات، ويسيرون بينها مقتنصين النوافذ المفتوحة، فيسهل عليهم خطف حقيبة امرأة من يدها، أو جوال رجل أثناء إجراءه مكالمة، أو أيّ شي يمكن أن تمتد أيديهم له مستغلين عدم قدرة المسروق على المطاردة وسهولة فرارهم بالدبابات بين السيارات وعبر الأزقّة الضيّقة. موسى شاب في العشرين من عمره، تاب الله عليه من السرقة بعد أن تخصص في التسلل للبيوت بتسلّق أنابيب المياه وفتحات التكييف، عمل موسى كما يقول منذ أن كان في الرابعة عشرة كحرامي بيوت، فقد بدأت التجربة معه برفقة أصدقاء أكبر منه سنّاً، وبعد أن أنهى دراسته المتوسطة لم يستطع إكمال تعليمه الثانوي، ولم يجد عملاً فاحترف السرقة. لا يوجد أيّ مبرر يمكن أن نسوقه لإضفاء الأعذار على هؤلاء الشباب، فالسرقة سرقة، ويقف خلفها عقل إجرامي بالدرجة الأولى، لكنّ حتى العقول الإجراميّة لا تجد من يغذي أفكارها إذا تم إشغالها وإشغال وقتها بأعمال تدرّ عليها دخلاً. إنّ فتح مجالات عمل جزئية بأجور يومية، أو حتى بالساعة ستمتص كثيراً من الإنحرافات، وستقلل جموح هؤلاء الأحداث، فأعمال كالنظافة والتحميل والنقل والخدمة وغيرها لا تحتاج لأي مؤهل أو خبرة إلا طاقة الشباب المتّقدة، وبإعطاء مقابل مادي يعين الشاب على قضاء احتياجاته الأساسيّة قد نحدّ كثيراً من اتجاهه للسرقة كخيار وحيد ليحصل من خلاله على ما يريد، ففي النهاية يريد الشباب مالاً في يديه، وإذا لم يأت بعمل شريف ومتوفر، سيأتي بمهنة حرامي، شئنا أم أبينا. (إبراهيم الأفندي)