23 ألف مراجع زاروا العيادات الخارجية لمستشفى الصحة النفسية في بريدة خلال عام 2009, وبلغ عدد المراجعين لقسم الطوارئ في المستشفى أكثر من 4700, وبلغت نسبة الإشغال 110 في المائة.. هذه الإحصائية ذكرها مدير المستشفى محمد القاسم.. وهي ليست إحصائية لمراجعين في مدينة بحجم جدة أو الرياض أو الدمام فيها كثافة سكانية عالية.. وليست في مدينة يعدّ فيها الترابط الاجتماعي أو درجة التديّن أقل من غيرها, بل قد تكون أعلى من غيرها.. حتى نسبة التلوث البيئي وازدحام السيارات.. هذه الأرقام تعدّ كبيرة جدا إذا ما قورنت بحجم المدينة وعدد السكان, لكنها تعطينا مؤشرا بأن التغيّرات الاجتماعية لم تستثنِ أحدا.. المدن والقرى القريب والبعيد.. فهي تتمدّد وتنتشر مثل فيروسات الإنفلونزا لتصل إلى كل مكان وبنسب متفاوتة. لا يكفي أن نعالج المرضى النفسيين بالمهدئات والجلسات النفسية, فلا بد من أن نعالج المسبّبات الرئيسية للمرض.. نحن نحتاج إلى علاج شامل للبيئة, التي أسهمت في ظهور وانتشار المرض.. ففي جدة على سبيل المثال, تسبّبت الكارثة في مرض كثير من السكان بالأمراض النفسية, خاصة الأطفال.. كذلك تسبّبت خسائر الأسهم والمساهمات العقارية وتوظيف الأموال في إصابة كثير بالأمراض النفسية.. كذلك هي البطالة.. ولكي تتم معالجة المرضى النفسيين لا بد من معالجة الأسباب الاقتصادية والاجتماعية والبيئية قبل كل شيء, وإلا ستبقى المستشفيات تستقبل آلاف المرضى سنويا وبأرقام مضاعفة, ما سيكلف الدولة الملايين لتقديم تلك الرعاية, وكان من الممكن أن تدفع تلك الملايين مقدّما في علاج المشكلات البيئية والاجتماعية, فما يحدث حاليا إنما هو بداية الغيث ومؤشر على بداية حقبة جديدة إن شاء الله.. فليس من الصعوبة على سبيل المثال إجبار أصحاب المساهمات العقارية وتوظيف الأموال, على دفع مستحقات المتورطين من المواطنين.. وليس من الصعوبة بمكان إنشاء شركات على غرار (سابك وكيان) لاستيعاب الشباب.. فنحن ولله الحمد من الدول الغنية.. ولدينا من أصحاب رؤوس الأموال من يملكون شركات عالمية, ومن الممكن أن يتم التعاون بين القطاعين العام والخاص في إنشاء مشاريع عملاقة تستوعب أبناءنا وبناتنا في جميع مناطق المملكة.. حتى تنخفض تلك الأرقام المرتفعة لمراجعي المستشفيات النفسية. (خالد الشيخ )