ظهور كيم كارداشيان الخاطف على شاشة التلفاز، صباح السبت، جعلني، وبسرعة خاطفة، أعدل عن الكتابة عن الموضوع الذي كنت أنوي الكتابة عنه، وأنقر العنوان الذي يتمدد فوق هذه المقالة. قد يوحي هذا أن فكرة المقالة وموضوعها وُلِدَا في وقت واحد، لكن الأمر ليس كذلك. فالفكرة والعنوان، وبمنتهى الصراحة، ليسا وليدي اللحظة كما يقال ويكتب أيضاً، فعمرهما يقارب السنة وربما أكثر، ولا أعتقد أن تحديد المدة الزمنية بدقة تامة أمر هام الآن وفي هذا المقام. الأمر الهام من منظور شخصي، ان سبب تفكيري في الكتابة عن كيم كارداشيان هو زيارتها الى منطقة الخليج العربي، والى الكويت على وجه التحديد، لترويج مجموعة أزيائها. الجدير بالذكر، هو أنه في الوقت الذي جاءت فيه كيم كارداشيان باسم مجموعة يستحضر صوراً مؤلمة من العنف والتمييز العنصريين، كانت المنطقة العربية ولا تزال تعاني من أبشع وأفظع أشكال العنف الذي تغذيه وتنشره في غير مكان التوجهات والايديولوجيات والانتماءات بأنواعها العرقية والطائفية والدينية. في الوطن العربي أكثر من (كي كي كي)، تقتل وتحرق وتجز الرقاب وتبقر الصدور والبطون على الهوية بأنواعها المختلفة والحقيقة ما كنت سأفكر في الكتابة عن كيم كارداشيان ومجموعتها لولا حرف الكاف (K)، أو التغيير الذي أحدثته كارداشيان في الكلمة «مجموعة» (collection) باستبدال الحرف (c) بالحرف (k) لتصبح الكلمة ((kollection، وكان الهدف، كما يبدو، خلق جناس استهلالي (alliteration) في اسم المجموعة ((Kim Kardashian Kollection. لكن عند اختصار الاسم الى (KKK)، يحدث ما أجزم بأنها لا تود حدوثه، ولا تملك القدرة على منعه أو إيقاف ما يثيره من ايحاءات وما يستجلبه من الذاكرة التاريخية البعيدة والقريبة من صور أحداث العنف والقتل وحرق الصلبان التي ارتكبتها المنظمة العنصرية الامريكية (Ku Klux Klan). يالسلطة اللغة الخارقة وسحرها. تغيير حرف واحد فقط يجعل اسم مجموعة أزياء واكسسوارات تُرَوّجُ كوسيلة لتعزيز الجمال والإغراء الانثويين ولتحقيق الثراء مرتبطاً بالعنصريين الأمريكيين -في الجنوب في بداية الأمر- الذين اختاروا زياً خاصاً بهم (الأردية والاقنعة البيضاء والقبعات المخروطية) لإخفاء هوياتهم وإثارة الرعب في نفوس الناس بدلاً من ان يكونوا دعاة الى المساواة والحرية والعدالة، أو حتى للجمال!. بتغيير حرف واحد اختلط الأمر، لم يعد ممكنا تمييز الاختصار المرتبط بالجمال والبزنس من اختصار اسم المنظمة التي ارتكبت كل انواع العنف والتمييز العنصري والادعاء بتفوق العرق الأبيض عبر ثلاث مراحل من تاريخ الولاياتالمتحدة. كانت البداية في 1865، من بولانسكي بولاية تينيسي، حيث استهدف عناصر ال(كي كي كي) السود المحررين ومناصريهم، الى جانب الدعوة لتأكيد نظرية تفوق العرق الأبيض وفرض سيادة البيض بالتهديد والعنف. وشهدت مدينه اتلانتا في جورجيا في العام 1921م، بداية المرحلة الثانية من تاريخ الحركة، وقد اتخذت ممارسات ال(كي كي كي) طابعاً طائفياً عبر عن نفسه في العداء للكاثوليكية والكاثوليك الأميركان، وفرض الصرامة الأخلاقية. وتميزت المنظمة في انبعاثها الثالث في الخمسينات والستينات من القرن الماضي بمعاداة حركة الحقوق المدنية ومعارضة إزالة كل اشكال وانواع العزل العنصري. الشىء الآخر والجدير بالذكر، هو أنه في الوقت الذي جاءت فيه كيم كارداشيان باسم مجموعة يستحضر صوراً مؤلمة من العنف والتمييز العنصريين، كانت المنطقة العربية ولا تزال تعاني من أبشع وأفظع أشكال العنف الذي تغذيه وتنشره في غير مكان التوجهات والايديولوجيات والانتماءات بأنواعها العرقية والطائفية والدينية. في الوطن العربي أكثر من (كي كي كي)، تقتل وتحرق وتجز الرقاب وتبقر الصدور والبطون على الهوية بأنواعها المختلفة. ولا يقل خطورة عن التمييز الذي يعلن عن وجوده بإراقة الدماء، انواع التمييز الأخرى التي ترتدي الأقنعة مثل عناصر ال(كي كي كي) لتخفي هوياتها؛ بيد أنها أكثر دهاء وذكاء من التمييز الكيكاوي (أو الكلاني) في ارتدائها اقنعة غير مرئية وارتكابها فظائعها وجرائمها بسرية تامة إلى درجة أن ضحاياها لا يعون ما يحدث لهم بتخطيط وتدبير منها، لذا لا يثير الاستغراب تماهيهم مع الممارسين والمروجين لتلك الأنواع من التمييز المقنع. صورة لا يوجد صورة أبلغ منها لتماهي الضحية مع الجلاد. twitter:@RashedAlkhaldi