تعتبر الهدايا والميزات التي تقدمها المصارف الإسلامية أو النوافذ الإسلامية في المصارف التقليدية من أكثر المسائل محل الجدل بين الفقهاء مع اتفاقهم في الجملة على أن التكييف الفقهي للمودع لدى البنك هو أنه مقرض وتنطلق مسألة الاختلاف هذه من الاختلاف في فهم قاعدة كل قرض جر نفعا فهو ربا. وتعتبر المسألة من المسائل التي ينبغي على أي هيئة شرعية إيلاؤها عناية فائقة ووضع ضوابط وقواعد للبنك يسير عليها، فإن جميع المصارف - بلا استثناء - من أجل الاحتفاظ بعملائها وجذب الآخرين تقوم بتوزيع الهدايا والجوائز. كما تتسابق دائما في تقديم الخدمات التي من شأنها راحة العميل فتقوم بتقسيم العملاء إلى شرائح حسب أرصدتهم وحسب انتفاع البنك من العميل، ومن وجهة نظري فإن موضوع تقديم الخدمات والهدايا يمكن تقسيمه حسب الآتي: أولا : الخدمات تقدم البنوك لعملائها خدمات متنوعة مثل ما يتعلق باستيفاء الرصيد كُلَّه أو بعضه ، مثل: استيفاء العميل أي مبلغ مالي من حسابه نقداً، أو بإجرائه قيوداً مصرفية على حسابه لمصلحته هو، أو لآخرين، أو النقل المصرفي بين حسابات العميل داخل البنك أو خارجه ومن أجل ذلك توافر الهاتف المصرفي وبطاقة الصراف الآلي وخدمة الإنترنت ويكون بعض هذه الخدمات بلا أجر وأخرى بأجر. وقد يتنازل البنك عن بعض الأجر لبعض العملاء، وتقديم مثل هذه الخدمات لا يظهر فيها أي مانع شرعي، لأنها تتعلق بالإيداع والسحب. فكل هذه أمور تتعلق بالوفاء والاستيفاء. الهدايا الرمزية التي تصرفها البنوك كالتقاويم والأقلام وغيرها فإنه والله أعلم لا مانع من استعمال هذه الهدايا، لأن قصد البنك من ورائها الدعاية ونشر سمعته.وقد جاءت الضوابط الشرعية التي وضعتها الهيئة الشرعية في بنك البلاد : «يجوز للبنك أن يقدم لعملاء الحسابات الجارية ما كان من قبيل الأمور المعنوية، أو الخدمات المتعلقة بفتح الحساب أو إيفاء العملاء، مثل الشيكات وبطاقات الصراف، وغرف الاستقبال والاهتمام بالعميل». ثانيا: الهدايا، يمكن تقسيمها إلى هدايا مشروطة وأخرى غير مشروطة. فأما إذا كانت الهدية مشروطة من العميل فهذا لا يظهر جوازها، وبذلك أفتى العديد من الهيئات الشرعية بانه لا فرق بينها وبين الزيادة الربوية، لأنها عبارة عن قرض جر نفعاً. أما الهدايا غير المشروطة وأعني بذلك أن تكون الهدايا من قبل البنك من غير سياسة معينة مكتوبة يشترطها العميل. فهذه الهدايا قد صدرت الفتاوى بجوازها ومن ذلك الفتوى الصادرة عن بيت التمويل الكويتي ومجموعة دلة البركة، حيث جاء في فتوى للمجموعة : «يجوز تخصيص أصحاب الحسابات الجارية من فئة معينة أو إطلاقا ببعض المزايا على سبيل (الجوائز أو الهدايا) على ألا يكون ذلك مشروطا ولا ملحوظا عند فتح الحساب إلا أن بعض الفتاوى قيد هذه الجوائز بشروط، أهمها : أن تكون الجوائز دون علم سابق من جانب العميل. وقد أجاز بعض الهيئات الشرعية منح العميل الجائزة إذا كان البنك يمنحها لمن أخذ تمويلا من البنك كون المسألة لا تتعلق هنا بقرض، بل ببيع وشراء. كما أجاز بعض الهيئات الشرعية مبدأ الخلطة كما لو اشترط البنك إيداعا في الحساب الجاري والدخول في عملية تمويل للتأهل للجائزة. كما أجاز العديد من الهيئات الشرعية جوائز البطاقات الائتمانية إذا لم تكن مرتبطة بالمبلغ المسحوب. بقي أن نقول: إن الهدايا الرمزية التي تصرفها البنوك كالتقاويم والأقلام وغيرها فإنه - والله أعلم - لا مانع من استعمال هذه الهدايا، لأن قصد البنك من ورائها الدعاية ونشر سمعته ودعوة الناس إلى الإيداع عنده ونحو ذلك. وقد جاء في الضوابط الشرعية التي وضعتها هيئة بنك البلاد : يجوز للبنك أن يقدم ما لا يختص بأصحاب الحسابات الجارية، وإنما يكون لهم ولغيرهم كالمواد الدعائية والإعلانية والله أعلم بالصواب.