دعتني د.حياة سندي للمشاركة في برنامج لإعداد الرياديين تتبناه هي من خلال معهدها «أي-2»، الذي يتضح هدفه من اسمه وهو استقطاب من لم يُستقطب من المخترعين رغم أهليته! من خلال معرفتي بهذه المواطنة المتميزة فأجمل ما يمكنك أن تسمع حديثها عن رعايتها للرياديين؛ بحماس وإصرار ورغبة في أن توصلهم لمبتغاهم دون أن «يتبهدلوا». أدرك أن هذا السجال دام دهراً، وأن هناك من يرى أن قصص «الريادة» هي «سواليف» لا تصلح أن يستحدث لها صندوق أو حتى «صندقة»، لكن أدرك كذلك أن المملكة قطعت شوطاً مهماً في الاستثمار في شبابها وأرسلتهم لكل أصقاع الدنيا لا ليعودوا موظفين بل ليصبحوا مبدعين.الأمر المُحيّر هو أن د.سندي ليست ضمن قائمة الأكثر ثراءً لتتولى برنامجاً مكلفاً طموحاً من هذا النوع، والأمر الأكثر استعصاء على الفهم: لم لا نضع سمننا في دقيقنا ليحظى برنامج «أي-2» بدعم من قطاع الأعمال السعودي؟! فهذه من شراكات الضرورة؛ منهم المال ومن د.سندي الشباب الريادي الواعد، ليجد البرنامج تمويلاً مستقراً، فليس للبرنامج مثيل في منطقتنا العربية، ولا نريد له أن يتوقف بسبب افتقاره للتمويل رغم وجوده في بلدنا الذي يضم بعض أكبر البيوتات التجارية في العالم. وذلك يستتبع سؤالاً: لماذا لا تستحدث الحكومة الموقرة من خلال وزارة المالية أو صندوق الاستثمارات العامة صندوقاً للريادة (الصندوق السعودي للتنمية الريادية)؟ علينا أن نتذكر أن المملكة كانت ريادية عندما أطلقت قبل ما يزيد على أربعين عاماً صناديق تمويلية متخصصة، كان لها أعمق الأثر في تنمية قطاعاتها؛ كصناديق التنمية الصناعية والزراعية والعقارية وبنك التسليف السعودي. الآن، وبعد انقضاء كل هذه السنوات يبدو ضرورياً طرح سؤال: هل هناك حاجة لإطلاق المزيد من الصناديق الحكومية لتمويل الصناعات المعرفية، ولتمويل القطاعات الضامرة كالسياحة، ولتمويل الصناعات الناشئة، ولتمويل المؤسسات الريادية والابداعية؟ أكاد أجزم أن هناك من يتمترس خلف مكتب خشبي أنيق ليرد: ما هو قائم من صناديق وبرامج تمويلية كافٍ لتغطية كل الاحتياجات! إجابات مُعلبة من هذا النوع لا تتناسب مع الفارق الذي حدث في الاقتصاد السعودي خلال نصف قرن، ولا تتلاءم مع الطفرة التعليمية والمعرفية التي حدثت في مجتمعنا السعودي، ولا ترتقي لما يتطلع له شبابنا الواعد ممن يريدون أن ينطلقوا للسوق بتحويل أفكارهم الابداعية إلى منتجات «تمشي على الأرض» لا أن يعملوا في وظيفة براتب، ولا تلبي رغبة واحتياجات المجتمع للتنويع الاقتصادي والمنافسة. أدرك أن هذا السجال دام دهراً، وأن هناك من يرى أن قصص «الريادة» هي «سواليف» لا تصلح أن يستحدث لها صندوق أو حتى «صندقة»، لكن أدرك كذلك أن المملكة قطعت شوطاً مهماً في الاستثمار في شبابها وأرسلتهم لكل أصقاع الدنيا لا ليعودوا موظفين بل ليصبحوا مبدعين يضخون حياة جديدة في اقتصادنا المستند على النفط. @ihsanbuhulaiga :تويتر