في جزءٍ من محافظة الأحساء وعلى ضفاف الخليج العربي يقع ميناء "العقير"، أحد أبرز المواقع التاريخية في المملكة والوجهة السياحية المنتظرة التي تلائم الأسر والشباب الذي يعود تاريخه إلى العصور الحجرية، عطفاً على الأحجار التي عثر عليها في "هجر" ولا تمت لمكونات سطحها بصلة، مثل الأحجار البركانية وأحجار الكوارتز وأنواع أخرى من الأحجار المختلفة، وإنما استوردت من المناطق الغربية بالجزيرة العربية بعد أن تم فحصها من قبل علماء الآثار. وجاءت تسمية العقير حسب الدراسات التاريخية نسبة إلى قبيلة أجاروا أو عجيروا التي سكنت المنطقة في الألف الأول قبل الميلاد، فأوردت اسمها المصادر التقليدية، ويُلحظ أن أهل الخليج العربي في كثير من المفردات اللغوية بتأثير غير مقصود في اللهجة يبدلون بعض الحروف في الكلام مثل إبدال حرف القاف بحرف الجيم، فيقال : عجير بدلاً من عقير، واسم عقير في المصادر التقليدية هو أجير؛ لأن الذين كتبوه ونطقوه ليسوا من الناطقين باللغة العربية، لذلك يصعب عليهم نطق حرف العين لعدم وجوده أصلاً في لغتهم، فيكتبون وينطقون عجير أجير أو جير أو جيرا مقترنة بقبيلة أجارم، وهي بالعربية المحلية أصلها عجارو أو عجيريون سكان ساحل شرق الجزيرة قبل الميلاد حسبما ذكر في المصادر والنقوش المسمارية. ويعد العقير بوابة نجد البحرية، الذي استمر أثره السياسي والتجاري والعسكري والفكري واضحاً في الأدوار السياسية التي تعاقبت على الساحل الشرقي للجزيرة العربية، لاسيما وقد حظي باهتمام كبير من الملك المؤسس عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود - رحمه الله - بوصفه البوابة الاقتصادية الأولى للدولة السعودية الناشئة، والمعبر البحري الرئيس على الخليج العربي الذي يفد إليه الزائرون لوسط الجزيرة العربية وشرقها، الذي شهد أحداثا سياسية واقتصادية في عهده رحمه الله. توفير خيارات سياحية متعددة وفي الجانب السياحي عملت الهيئة على جعل العقير وجهة سياحية رئيسية في المنطقة نظرا لمكانته التاريخية وتميز موقعه، حيث وقعت عقد تأسيس شركة تطوير العقير، الثلاثاء الماضي في محافظة الأحساء برأس مال بلغ مليارين و(710 ) ملايين ريال. وسيكون مشروع تطوير العقير أول وجهة سياحية متكاملة تسهم فيها الدولة بمساحة (100) مليون متر مربع، وبشواطئ تمتد بمسافة (15) كيلو مترًا، على أن يوفر المشروع بتكامل عناصره وتعدد خدماته خيارات سياحية تلائم متطلبات وخصوصية الأسرة السعودية، وتلبي احتياجات الشباب الترفيهية، وتطوير الخدمات والفعاليات السياحية، إضافة إلى المؤتمرات والمعارض وغيرها من الأنشطة الاقتصادية. ويستغرق تطوير المشروع ثلاث مراحل، على أن يطرح مستقبلا ما لا يقل عن 30 بالمائة من أسهم الشركة للمواطنين من خلال الاكتتاب العام، وذلك تأكيداً لتوجهات الدولة بأن يكون الاستثمار متاحاً للمواطنين. ومن المتوقع أن يسهم المشروع في جميع مراحل تطويره في توفير أكثر من تسعين ألف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة للمواطنين. أمين الشرقية: تطوير العقير نموذج للشراكة المثالية اليوم الدمام أكد أمين المنطقة الشرقية المهندس فهد الجبير إن مشروع تطوير العقير الذي تم مؤخرا توقيع عقد الشركة الخاصة به سيحدث نقلة هامة في مستوى السياحة في المملكة والمنطقة، مشيرا الى انه يعد نموذجا للشراكة المثالية بين الجهات الحكومية والقطاع الخاص. وقال الجبير في تصريح صحفي : إن تطوير شاطئ العقير يعد العنصر الأهم في المخطط الاستراتيجي لتحويل الأحساء إلى مدينة ساحلية وسياحية، اضافة إلى أهمية هذا الشاطئ وتاريخه، وكان للهيئة العامة للسياحة والآثار ورئيسها صاحب الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز دور بارز في انطلاقة فكرة تأسيس شركة تطوير العقير السياحية التي نتوقع أن يكون لها دور مهم ورئيس في المستقبل في تنمية الأحساء بما تمتلكه من عناصر الجذب التي قد يفتقر إليها كثير من المناطق السياحية في المملكة، فكان العمل مع الهيئة على أساس التهيئة والترتيب لهذا المشروع الذي نتوقع أن تكون عوائده كبيرة جداً على أهالي الأحساء بالدرجة الأولى والمملكة عموماً كونه مشروعا واعدا ومخططاته تركز على استثمار المقومات السياحة في شاطئ جاذب. وأضاف الجبير إن أمانة الأحساء عملت خلال الفترات السابقة على تهيئة منطقة من الشاطئ للزائرين والمنزهين بمسافة 20 كيلومترا ، وهو الآن يستقطب معدلات تزيد على 20 ألف زائر في الأسبوع. واعتبر الجبير أن التوقيع على عقد تأسيس شركة تطوير العقير يعد يوما سعيدا على قلوب الجميع، وقدم تهنئته لسمو رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار ولأمانة وأهالي الأحساء. معتبراً أنها نقطة البداية، بل هي تحول فعلي ومعها بدأ العد التنازلي للمشروع الضخم والعملاق ولفت إلى أن الشركة سيكون لها أثر كبير في التنمية الاقتصادية وجذب مزيد من الزوار والسائحين. ..و استقبال آلاف الزوار طوال العام وبدأت أهمية العقير بوصفه ميناء بالتقلص في عام 1377ه /1957م عند اكتشاف النفط وتشييد ميناء الدمام، إلا أنه احتفظ بمكانته السياحية، كونه واحدًا من أجمل السواحل في المملكة، متميزاً بتداخل مياه الخليج بشواطئه الرملية الضحلة، وتنوع المظاهر الجغرافية فيه وكثرة الرؤوس والخلجان والجزر، كجزيرة الزخنونية وجزيرة الفطيم. ويستقبل شاطئ العقير آلاف الزوار والسياح طيلة أيام العام، ويجذب الشاطئ الذي يبعد نحو 65 كلم من مدينة الهفوف كثيراً من المرتادين من مختلف مناطق المملكة وخصوصاً من الأحساء والمنطقة الشرقية ومنطقة الرياض، ويصل العدد اليومي لقاصدي الشاطئ قبل تطويره خلال المواسم والعطلات إلى أكثر من 28 ألف زائر. وقد اهتمت الهيئة العامة للسياحة والآثار بالعقير تاريخيا وسياحيا، فعلى المستوى التاريخي سجلت مبنى الجمارك في ميناء العقير في سجل الآثار الوطني، ورممت مباني المستودعات والجمارك في العقير في العام 1412ه، كما جرى ترميم مباني ميناء العقير الأثري التي شملت مباني الخان والإمارة وحصن الإمارة خلال العام 1418ه. ..و مقر للمفاوضات مع الحكومة البريطانية استخدم الميناء الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبد الرحمن آل سعود - رحمه الله - مقراً لمقابلة الموفدين البريطانيين واتخذه مقرا للمفاوضات مع الحكومة البريطانية. وقد وجه الملك عبدالعزيز بتطوير الميناء فأنشئت الجمارك والجوازات والفرضة ومبنى الخان ومبنى الإمارة والحصن والمسجد وعين الماء وبرج بوزهمول، ما جعله شريان الحياة لوسط الجزيرة العربية وشرقها، حيث كانت البضائع والأغذية وغيرها ترد إلى قلب الجزيرة العربية والعاصمة الرياض عبر هذا الميناء المهم.