يبدو أن بعضنا يفهم ويحصر رغبته في نيل الأجر من الله في كل عمل يتصل اتصالاً مباشراً بالدين مثل بناء مسجد أو مدرسة لتحفيظ القرآن أو غير ذلك . وربما يخطئ بعضنا ويفهمون قوله تعالى ( إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة وآتى الزكاة ولم يخش إلا الله فعسى أولئك أن يكونوا من المهتدين ) على أن الإعمار هو إعمار مادي فيدفعون بأموالهم لبناء المساجد في الداخل أكثر من الخارج وهم إلى ذلك أحوج والنتيجة أن المساجد لدينا صارت متجاورة تفيض عن حاجة الأحياء وبهذا يضعف إعمار المساجد عمارة روحانية لأن أعداد المصلين والذاكرين لله فيها وقراء القرآن صاروا يتوزعون على مساجد الحي الكثيرة والأمثلة على ذلك كثيرة فالشارع الذي أسكن فيه بنيت فيه وعلى صف واحد ثلاثة مساجد لايبعد أحدها عن الثاني سوى ثلاثمائة متر أو أقل وقس على هذا أحياء وشوارع كثيرة تكثر فيها المساجد وتتجاور. لا شك أن تخصيص جزء من المال لبناء مسجد هو عمل يستحق التقدير منا وسيجزي الله أصحابها خير الجزاء . ولكن السؤال أهي المساجد فقط التي ينتفع بها الناس ويؤجر عليها من أقامها ؟ بالتأكيد لا فأوجه الخير كثيرة وأحب الناس إلى الله أنفعهم للناس وسبل الخير وطرائقه كثيرة ومتعددة الاتجاهات وقد قام بعض رجال الأعمال ومن وسع لهم الله في الرزق بأعمال جليلة ونافعة مثل المراكز الطبية الخاصة للقلب أو الكلى أو غيرها من مشروعات تؤدي خدمات جليلة للمجتمع وقد كتبت في هذا مقالاً سابقاً. وفي الأيام القليلة الماضية برز مشروع خيري مماثل يؤدي أيضاً خدمات جليلة لفئة هامة في المجتمع يستحقون كل الرعاية والاهتمام وهن الفتيات اليتيمات أو مجهولات النسب قدمت لهن المبنى بكل تجهيزاته السيدة عائشة الراشد في محافظة الأحساء مثل هذه الأعمال تعكس صورة من أرقى صور التكافل الاجتماعي التي دعانا إليها الدين الإسلامي في آيات وأحاديث كثيرة لتجعل منا مجتمعاً يتكامل ويتماسك كالبنيان المرصوص ولا تخفى تلك الآيات التي تدعو للإنفاق في أوجه كثيرة هدفها بناء الإنسان والأخذ بيده نحو ما هو خير له وخير للمجتمع الذي ينتمي إليه . تساءلت كثيراً وأنا أرى المساجد التي تحمل أسماء أشخاص دفعوا مالهم لبنائها ماذا لو بنى أحدهم منزلين وقدمهما لأسر محتاجة يضيق بهم الحال عن دفع الإيجار ويصعب عليهم أن يحلموا ببيت يتملكونه كم من رجل يعجز عن ذلك وكم من أرملة أو مطلقة ضاقت بها الحيل في ذلك الشأن واتساءل عن دور الوزارة المعنية بذلك لوقف بناء المساجد في الأحياء بطريقة عشوائية فهي تكتظ في أحياء وتزيد عن الحاجة وتنقص في أخرى أوليس بناء منزل يؤوي أسرة كاملة ويبعد عنها مضار كثيرة أفضل عندالله من بناء مسجد لا ترى فيه إلا صفاً واحداً من المصلين . أليس الهدف هو الأجر من الله ؟ فلماذا إذا لا يوجه الناس من قبل علماء الدين وبعض الجهات ذات الصلة لمشروعات مفيدة وعليها أجر من الله عظيم.