قرأت سيرة مختصرة لشاب يدعى عبدالإله السناني أنهى دراسته الجامعية والتحق باحدى الشركات كموظف وبدأ في مزاولة عمل تجاري بسيط في أوقات ما بعد الدوام يقف بسيارته في زاوية ما من الشارع ليقوم بعرض بضاعته من (الفصفص) لم يمنع عبدالإله نفسه من العمل في الشركة انتظاراً للوظيفة الحكومية ولم يضيع وقتاً طويلاً في تسويف حلمه في العمل التجاري فاشتغل موظفاً لغيره ولنفسه ليحقق حلمه. اليوم عبدالإله يملك 100 فرع داخل المملكة لمؤسسته المختصة في (الفصفص) ويسعى لافتتاح فروع أخرى في الخليج. في المقابل تملك سوسن قدرة على فلسفة الأمور وحساسية زائدة في تفسير ما حولها لتجعل من كل شيء حولها عثرات في طريقها الذي تعرف كيف تتحدث عنه وعن أفكار أخرى لمشاريع كثيرة ربما لو طبقت أحدها تدريجياً لكانت اليوم في حال أفضل مما هي عليه. أمثال سوسن ليسوا قلة وهم ممن يملكون طاقة فكرية وكلامية ضخمة ولكنهم لا يملكون القدرة على تحويل التشاؤم الذي يحيط بهم إلى تفاؤل لأنهم ينهارون تدريجياً مع كل عقبة وكل صدمة سواء من الأشخاص أو الأنظمة أو غيرها. سوسن وغيرها من المتشائمين لا يريدون أن يبدأوا من الصفر بل من مائة ألف ويزيد.. وعلى الرغم من وجود هذه الفرص اليوم بالقروض الربحية وغير الربحية إلا أن كثيراً من المتشائمين يركزون على كل عيوب وسلبيات الآخرين ولا يعطون لسلبياتهم أدنى تركيز واهتمام منهم تجاه نفسهم تجاه مكابرتهم وعنادهم.. واصرارهم الغريب على أنهم يملكون ناصية الصواب وغيرهم على خطأ. هم أيضاً مهرة في تحويل الماء العذب إلى ملح أجاج ويقنعون أنفسهم وغيرهم بالحقيقة المرة التي لا يريدون أن يتركوها ليتوجهوا إلى غيرها وعندما ضربت المثال في مقال الأمس بالفتيات البائعات في المحلات التجارية فلأني دائماً كنت أتساءل أين كان الشباب الذكور منذ سنوات عن هذه الوظائف كنا نرى سعودياً على جهاز محاسبة ما في أحد المحلات لأسبوع أو ربما اثنين ثم يختفي ويعود الأجنبي.. لماذا؟ لأنهم في الأصل لم يقيموا ذواتهم كما يجب واستمتعوا بدور الضحية الذي لم يجد عملاً ليسترخي في المنزل ينام ويأكل ويشرب من جيب أمه أو أبيه مهما كان الدخل المادي لهم في حين خرجت ألوف الفتيات للعمل وها هي محلات كبرى تقوم على جهودهن في البيع والمحاسبة وغيرها لم يستكبرن على العمل وقاومن كل ما واجهنه. وها هي إحداهن تقول لي الحمدالله لقد تغيرت أحوالي وصرت أساهم مع زوجي في البيت واستطعت أن أشتري سيارة واستقدم سائقاً وأضع صغاري في حضانات وأدفع رسومهم بعد عملي كمحاسبة في محل ما. ما أجمل من يصنع الحياة وما أسوأ من يجعل منها ظلماً وجوراً وعدواناً يصب على رأسه الذي يلقي به فوق وسادة سوداء في الليل والنهار. التفاؤل لا يتطلب أن نبحث عنه بل علينا أن نصنعه بمهارة لنستمتع به ونجني الثمار ثمرة الثقة بالله الذي لا يخلف وعده ومن ثم الثقة بقدراتنا. Twitter: @amalaltoaimi