في مثل هذه الأيام المباركة تعود المجتمع أن يشمر عن سواعده , ويجتهد في استعداده لاستقبال العودة الكريمة رتابة سنوية تزداد فيها الحركة ,والإقبال على المحلات التجارية ,ويكثر فيها التجديد ,ويلاحظ فيها التغييرفي مساء إحدى الليالي المباركة حمل هواؤها إليَّ رائحة دهان المنازل التي تملأ أرجاء الحي كما ملأت نفسي بالفرحة ،وجعلت الوقت ذا مذاق خاص غير وجه المساء بعصرية جميلة تبشر بوصول العائد المنتظر0 كل شيء هنا يبشر به ، وينقلك إلى أجوائه الروحانية التي تشحذ الهمم للاستعداد له واستقباله بعزيمة قوية تجعل كل فرد منا يشمر عن ساعده ويضاعف عمله اغتناما لإدراك العودة المباركه0 شمرت عن ساعدي وانطلقت إلى إحدى المدن القريبة من حينا السكني , لأستعد بكل شيء ، انطلقت برفقة الفرحة والمذاق الخاص لهذا المساء الذي جعلني أفكر في ألف شيء وشيء، ما بين تجديد ، وشراء ،وتبديل ,و أشياء سأتذكرها عند رؤيتها في المحلات التجارية 0 بدأت الطريق تبعدني عن المساكن وتزفني إلى فضاء واسع من اليمين واليسار لاشيء فيه سوى كثبان رملية نظيفة جميلة من أثر الهواء على صدرها الوردي من أشعة الشمس التي بدأت تكسو الفضاء بألوانها الزاهية التي تنعكس على تلك الكثبان الجميلة فتزداد جمالا ويزداد الإحساس بالمذاق الخاص ،وأشعر بالهدوء 0 وقفت جانبا أتأمل جمال الطبيعة الصحراوية الجرداء وما تحتويه من هدوء ساحر وأفق واسع وكأن آخره البعيد كرسي ذهبي يستقبل عروس النهار0 واقف أتابع لحظة العناق فالعروس تدنو رويدا ،والتلال تطفئ تدريجيا ألوانها الوردية ، انطفأت التلال القريبة مني ، ولم يبقى في الأفق البعيد إلا نصف العروس 0 بدأت التلال ترتدي التوب الأسود وبدأ تداخل اللونين ، ما أجمل تلك اللحظات الهادئة , وما أجمل صنع الله 0 حينها تحركت مذهولا من ذلك المنظر البديع الذي يتكرر يوميا و لربما كان في أحد الأيام أجمل مما رأيت بكثير0 نعم فكم مرة سرت في هذه الطريق ولم ا ستمتع بشيء لأني غافل أو مشغول 0 بدأت المدينة تظهر أمامي وكأنها نجوم تتلألأ وبدأت الصحراء الساحرة تتراجع إلى الوراء وأنا ألوم نفسي على ما فاتها من تأمل في صنع الله البديع يا للأسف كم وكم قد فات علينا ونحن غافلون 0 غاب المنظر البديع ،وتقطع صمته الرهيب عندما دخلت المدينة ، وبدأ الزحام ، وبدأ الإحساس الجميل يرتحل أو يختفي عندما رأيت شدة الزحام وقوة الحركة البشرية التي تذكرني بالعام الماضي ،وتكرر الصورة في الاستعداد وطريقة الاستقبال الرتيبة السطحية البعيدة عن التأمل العميق في هذا الموسم القادم والاستفادة من قيمه الروحية ، والاجتماعية ،والبدنية وتؤكد أن مروره علينا مثل مرورنا بأشياء جميلة لم نستفد منها أو نستمتع بها0 أحبتي في الله ها هيا النفحات الإيمانية تقترب منا يوما بعد يوم ورائحة أيامه المباركة تعطر الأجواء بفيض الرحمة والغفران , والعتق من النيران ,موسم عظيم قد لا يعود عليك مرة أخرى ،فاغتنم الفرصة ،وحاسب النفس على التقصير واستعد له استعدادا روحيا يسمو بك ويجعلك من الفائزين يوم توزيع الجوائز 0 بلغنا الله وإياكم شهر رمضان المبارك ،ووفقنا لصيامه وقيامه ،وأعاده علينا، وعلى الأمة الإسلامية أعواما عديدة، وأزمنة مديدة ، وكل عام وأنتم بخير0 محمد بن أحمد حسن خليل