يعاني الكثير من المواطنين الخليجيين تدني أجورهم رغم أنهم من دول نفطية غنية، إلا أن هناك خللا في توزيع الأجور، وكذلك الوظائف الملائمة في ظل ارتفاع أعداد الخريجين الجامعيين. وتشير إحصائيات البنك الدولي إلى أن الآفاق الايجابية للدول النفطية على المدى القريب تتعزز في «سعر نفط مرتفع، عودة التوازن في الإنتاج النفطي، قوة نمو إجمالي الناتج المحلي غير النفطي» تقابلها تحديات تتمثل في: «التعرض لمزيد من صدمات إيرادات النفط، توقعات ببدء السحب القريب من رصيد المدخرات، النمو يعتمد على النفط، مستوى توظيف المواطنين منخفض في القطاع الخاص»، وتحذر بوجوب «احتواء الإنفاق الجاري، ضمان توظيف الإنفاق الرأسمالي في الإغراض الإنتاجية، تنفيذ إصلاحات لزيادة التنوع في النشاط الاقتصادي، الاستثمار في رأس المال البشري». ولأن شعب الخليج «فتيّ» فغالبية سكانه من الشباب، فان الاستثمار بالمورد البشري يعتبر إضافة للاقتصاد، بينما ينزوي الشباب اليوم بين مطرقتي البطالة والوظائف ذات الأجور المتدنية، وسندان الاعتماد على النفس والبدء بالمشروع الخاص في ظل تموج في السوق بين ارتفاع وهبوط لا يعرف لها قرار وقلة توافر الممولين أو تسهيلاتها. بادرت دول الخليج في إطلاق برامج لزيادة معدلات توطين الوظائف منذ سنوات مع اعتماد نظام الحصص للمواطنين وخدمات التدريب والتوظيف، فبدأت البحرين بمشروعها الوطني للتوظيف، وبرنامج إعادة هيكلة القوى العاملة بالكويت، وبرنامج «حافز» بالسعودية وهناك قاعدة للنموذج الناجح لسياسات سوق العمل الدولية تعتمد على «حماية العاملين وليس الوظائف» وهذه القاعدة يجب أن تكون أهم قيم سوق العمل لدينا لضمان مستوى معيشي أكثر من جيد للمواطنين، في ظل مطالبة جهات دولية بقلبها. وكما تشير إحدى دراسات بنك النقد الدولي عن اقتصاد دول الخليج فان «إجمالي الناتج المحلي قد يكون قياساً غير دقيق للرفاهية في دول مجلس التعاون الخليجي»، «فإجمالي الناتج المحلي في هذه الدول يرتبط ارتباطا ضعيفا بمتغيرات مثل التوظيف والاستهلاك اللذين يمثلان عاملين ضروريين للرخاء الاقتصادي»، «أما بالنسبة لمستويات المعيشة فانه ينبغي النظر إلى حجم الاستهلاك ونوعه ومكوناته». الأمر الذي يعكس خلل أو سوء تقدير في معادلة التوزيع وفق ميزانية الدولة المعتمدة على الناتج المحلي، فمن يقرأ عن مداخيل دولنا النفطية يتوهم سلفاً أن شعوبها مرفهة، ميسورة الحال، لأنها - بلا شك - تحصل على أجور عالية، غير أن واقع الحال يصدم، وإن كانت هناك استثناءات. بادرت دول الخليج في إطلاق برامج لزيادة معدلات توطين الوظائف منذ سنوات مع اعتماد نظام الحصص للمواطنين وخدمات التدريب والتوظيف، فبدأت البحرين بمشروعها الوطني للتوظيف، وبرنامج إعادة هيكلة القوى العاملة بالكويت، وبرنامج «حافز» بالسعودية، وبرنامج «تسهيل» الإماراتي، وبرنامج «سند» العماني، و»توطين» القطري. ونجح أغلبها في تغيير معادلة توزيع التوظيف بين قطاعي العام والخاص ونلاحظ ارتفاع نسب التوظيف في «الخاص» بالذات في أسواق العمل بالمملكتين البحرينية والسعودية، والمدهش أن هاتين المملكتين رغم إطلاقهما لبرامج تحسين الأجور، إلا أن سوق العمل فيهما يعاني تدني أجور تشكو منه الغالبية، ما أوجب معالجته. Twitter @hana_maki00