شهدت فعاليات مؤتمر الأدباء السعوديين الذي أنهى أعماله مؤخرا في المدينةالمنورة، سجالا امتد إلى الصحف والمدونات، ومواقع التواصل الاجتماعي خاصة في تويتر والفيسبوك، وكل له قناعاته ومبرراته، فهناك ناقد يقترح تطوير فعاليات المؤتمر وأهدافه، وكاتب يشكك في جدواه، وآخر يعتب من عدم دعوته للمؤتمر، مع أنه يعتبر نفسه أهم من بعض المدعوين أو يتساوى معهم في الأهمية، لقد صدرت في أعقاب هذا المؤتمر توصيات، مازال الأدباء يأملون في أن تنفذ، وأن تترجم إلى عمل يحقق الأهداف المراد تنفيذها على أرض الواقع حتى لا تهمل وتقبر وتنسى ويبدو لي أن تصريح سعادة وكيل الوزارة للشئون الثقافية الذي نشرته معظم الصحف السعودية عندما قال: إن الدعوة مفتوحة للجميع، هذا التصريح يبدو أنه لم يصل إلى الكثيرين، ولا أعرف أحدا قال للوزارة انه سيأتي ورفض طلبه، وكل ما كان يقال له: احضر على حسابك وسندفع لك قيمة التذكرة، أما السكن فهو مضمون للجميع، ويبدو أن الوزارة فضلت عدم الوقوع في اشكالية الدعوات التي لا تلبى، عندما ترسل تذاكر السفر لمدعوين لا يحضرون، ولا يعيدون التذاكر للوزارة لاسترجاع قيمتها، مع العلم أن هذا المؤتمر - كغيره من المؤتمرات - محدود الميزانية، بحيث لا يمكن تجاوزها بأي حال من الأحوال. الملاحظة الجديرة بالاهتمام هي أن محاور المؤتمر لم تكن لصيقة بشئون الأدباء، لأنها تناولت مواضيع أدبية عامة يمكن طرحها ضمن المواسم الثقافية لأي ناد أدبي أو مؤسسة ثقافية أو تعليمية، بينما لم يحظ الأدباء سوى بندوة واحدة، عن «حقوق الأدباء وواجباتهم» وأبحرت بقية الندوات والمحاضرات في متاهات الأدب المختلفة، وكأن المؤتمر للأدب السعودي وليس للأدباء السعوديين، الذين مازالت قضاياهم معلقة، وتحتاج للبحث والمناقشة والتوصيات والمتابعة والتنفيذ، حتى لا تكون كغيرها من توصيات المؤتمرات والملتقيات المماثلة التي تهمل حال انتهاء المؤتمر أو الملتقى، حتى تموت وتشيع إلى مثواها الأخير، وهو النسيان. مشاكل الأدباء الشائكة لا تتمثل في المنتج الإبداعي خاصة، أو الثقافي عامة، ولكنها تتمثل في ما يواجههم في حياتهم العامة من تهميش وعدم اهتمام المؤسسات الثقافية بهم، إلى جانب عدم وجود ما يحميهم من التطاول، الذي قد يتعرض له بعضهم من بعض الفئات، وكذلك غياب مؤسسات المجتمع المدني التي تدافع عن حقوقهم، وتسهل أمامهم العقبات الكأداء التي قد تعترضهم وهم يمارسون حقهم في الإبداع، وصولا إلى التميز الذي هو سمة من سمات كل المجتمعات الجادة في سعيها الحثيث نحو التقدم والازدهار، فلا صندوق الأدباء تحقق، ولا جمعيتهم أو رابطتهم رأت النور، ولا مشاركاتهم المحلية والاقليمية والدولية متاحة للجميع، وما دمنا نتحدث عن الأدباء وهمومهم، فلابد من العمل على تشجيع إنتاجهم الأدبي، والاسهام في نشره خارج الحدود، وهي مهمة لا طاقة للأدباء على تحملها، ومن حقهم على المؤسسة الثقافية الرسمية أن تقوم بهذه المهمة، باعتبار الأدب هو الوجه الحضاري للدول، والمرآة التي تعكس مدى تقدم وازدهار هذه الدول في جميع المناشط الحياتية. لقد صدرت في أعقاب هذا المؤتمر توصيات، مازال الأدباء يأملون في أن تنفذ، وأن تترجم إلى عمل يحقق الأهداف المراد تنفيذها على أرض الواقع حتى لا تهمل وتقبر وتنسى، كما هو الحال في ما سبق من مؤتمرات، فمع أن هذا هو المؤتمر الرابع للأدباء، فإن شيئا من توصيات المؤتمرات السابقة لم ينفذ، ما يعني ضرورة وجود لجنة متابعة لهذه التوصيات ترتبط رأسا بمعالي وزير الثقافة والإعلام، وتعمل على تحريك المياه الراكدة في هذا الشأن، وتتابع ما تمر به هذه التوصيات من اجراءات في أروقة الإدارات الرسمية، حتى يقدر لها أن ترى النور إن شاء الله، وهو أمر غير مستحيل في بلد حقق من الإنجازات الحضارية في عقود، ما لم يحققه غيره في قرون. لذلك فإن السؤال يظل قائما: ماذا بعد مؤتمر الأدباء السعوديين من خطوات لتنفيذ توصياته؟ هذا هو المهم؟