عزز خام مزيج برنت ارتفاعه فوق 111 دولارًا للبرميل امس ليقترب من أعلى مستوى له منذ خمسة أشهر بعد أن أدى تزايد التوترات بسبب هجوم يشتبه أنه بأسلحة كيماوية في سوريا الى زيادة المخاوف من احتمال أن يؤدي تفاقم عدم الاستقرار في الشرق الأوسط الى تعطيل الإمدادات. وارتفعت أسعار النفط أيضًا الى جانب الأسهم بعد ان أدى هبوط كبير في مبيعات المنازل الجديدة بالولايات المتحدة يوم الجمعة الى الحد من توقعات أن يخفض مجلس الاحتياطي الاتحادي قريبًا الحوافز. وارتفع سعر برنت لتعاقدات أكتوبر الى 111.68 دولار وهو اعلى مستوى له منذ الثاني من أبريل وبلغ 111.29 دولار بزيادة 25 سنتًا بحلول الساعة 0400 بتوقيت جرينتش. وارتفع الخام الأمريكي لتسليم اكتوبر 60 سنتًا الى 107.02 دولار بعد ارتفاعه 0.6 بالمائة الأسبوع الماضي. ومن جهة أخرى أوضح «ساكسو بنك» أن التهديد الأكبر الذي تشهده أسواق السلع في الوقت الراهن هو مخاطرة تعطل المرور الآمن للنفط الخام والمنتجات عبر قناة السويس وخط أنابيب السويس- البحر المتوسط. وأضاف «تشهد هاتان القناتان نقل ما يقارب 4.5 مليون برميل يوميًا إلى البحر المتوسط وما بعده». وحيث إن مصر لا تعتبر من الدول المنتجة، فسيكون تأثير أي تعطل محتمل مؤقتًا، حيث إن النفط سيجد طريقه في نهاية المطاف نحو الجنوب حول إفريقيا، وهو ما سيتسبب بشكل واضح في بعض التأخير ولذلك قد تشهد الأسعار ارتفاعًا خلال هذه الفترة، بحسب تقرير «ساكسو بنك». وحاليًا يتم تسعير قسط مخاطرة جيوسياسية وفق أسعار النفط، ولكن السبب الرئيسي في ذلك يرجع إلى حالات التعطل الفعلية التي تسببت بها ليبيا نتيجة الإضرابات التي شهدتها الموانئ فيها والعراق نتيجة أحداث العنف والمشاكل المتعلقة ببنيتها التحتية. ومع ذلك، فقد ساعدت الزيادة من الدول غير الأعضاء في منظمة أوبك في المحافظة على وتيرة ارتفاع الأسعار المتسارعة بشكل كبير مقارنة مع عامي 2011 و2012 عندما وصل سعر الخام إلى 128 دولارًا بسبب الحرب الليبية والمقاطعة المفروضة على إيران. ومن جهة أخرى أعطت الاضطرابات في منطقة الشرق الأوسط، دفعة جديدة لشركات النفط التي تبحث عن اكتشافات جديدة، للتوجه إلى مناطق أكثر استقراراً، مثل المغرب ومالطا وإسبانيا. وتقدم هذه المناطق القريبة من احتياطيات معروفة وأسواق كبيرة، شروطاً مغرية للتنقيب دون التعرض لمخاطر الإنتاج في سوريا أو ليبيا أو مصر، وأغرى المغرب الشركات بوعد بتوصيلها إلى مكامن غنية بالطاقة في غرب أفريقيا. وفي مالطا هناك آمال أن تكون هناك امتدادات للتشكيلات الجيولوجية الموجودة في ليبيا وتونس. وقبالة سواحل إسبانيا، ترى شركة كيرن إنرجي، أوجه تشابه جيولوجي مع المياه الإسرائيلية التي تضم اثنين من أكبر حقول الغاز البحرية المكتشفة في السنوات العشر الأخيرة. وقال توني هايوارد الرئيس التنفيذي لشركة جينل انرجي، الرئيس السابق لشركة بي.بي ل”رويترز”: “عليك إما أن تذهب إلى الحدود التقنية أو إلى الحدود السياسية، في المغرب ومالطا على سبيل المثال، نتعامل مع مخاطر فنية أكبر بكثير من المخاطر السياسية”. وتوافدت شركات نفطية عدة، من بينها شيفرون ثاني أكبر شركة نفط أميركية التي تبلغ قيمتها السوقية 231 مليار دولار، وشركة فاستنت المدرجة في بورصة لندن الثانوية التي تبلغ قيمتها 80 مليون دولار، على المغرب على مدى 18 شهراً مضت. وكانت جلف ساندز بتروليوم تضخ نحو عشرة آلاف برميل من المكافئ النفطي يومياً في سوريا قبل الحرب التي اندلعت هناك والعقوبات التي فرضت عليها. وأوقفت الشركة عملها هناك عام 2011 وخسرت أكثر من 90 بالمائة من إنتاجها وانتقلت بعد ذلك إلى المغرب. وقال كين جادج المدير التجاري لجلف ساندز: “كان يمكن أن تتصور بعد سوريا أننا نبحث عن بعض الاستقرار، والمغرب مستقر سياسياً بشكل رائع، ويقدم أيضاً أفضل شروط مالية بين دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا”. وستبدأ جينل في الحفر قبالة مالطا في الربع الأول من العام المقبل، وستبدأ كيرن البريطانية بحفر بئر في المغرب في سبتمبر، وتقول على موقعها الإلكتروني إنها قد تبدأ الحفر في إسبانيا كذلك في 2015. وقال بيل هيجز الرئيس التنفيذي لشركة إم أو. جي، إن الأحداث التي اجتاحت شمال أفريقيا والشرق الأوسط العام الماضي، شجعت الشركات لإلقاء نظرة علي المنطقة، مشيراً إلى أن هناك المزيد من الفرص عما كان عليه الأمر قبل الأحداث التي تشهدها دول مثل مصر وليبيا وتونس. وتعتبر مالطا آخر المواقع في البحر المتوسط التي تظهر للمرة الأولى على الخريطة النفطية، وخلال الشهر الماضي قامت شركة جنيل انيرجي النفطية التي يديرها توني هايوارد الرئيس التنفيذي السابق لشركة BP بشراء حصة من مناطق الاستكشاف قبالة سواحل مالطا من شركة البحر المتوسط لاستخراج النفط والغاز التابعة ل «إيه . آي. إم». وأعلنت شركة “كوفور ساس” التابعة للمجموعة الفرنسية “فينسي” الشهر الماضي، بدء عمليات حفر أول بئر في الشمال الغربي للمغرب، باستثمارات تزيد على مليون دولار، بعد اتخاذ الإجراءات اللوجستية المطلوبة للقيام بعمليات التنقيب، وفق ما ورد بمجلة لوزين نوفيل الفرنسية.