تشهد خارطة الطاقة العالمية تغيّرات محورية وسريعة على مستوى الطلب، ففيما كانت الولاياتالمتحدة أكبر مستهلك للطاقة منذ بداية القرن العشرين، تتخذ الصين منذ العام 2010 مكانة متقدّمة لتستحوذ على أكبر حصة من طلب على الطاقة، حيث جاءت معظم الزيادة في الطلب الصيني على الطاقة خلال العقد الماضي، لتعادل مستويات الطلب الصيني في عام 2010 ضعف ما كانت عليها في عام 2000، واليوم، تستهلك الصين خُمس إجمالي الطاقة العالمي. ومن ناحية أخرى، يبقى الفحم مصدر الطاقة الرئيس للصين، حيث يكون ثلثي إجمالي استهلاكها، وهو ما يجعل من الصين أكبر مستهلك ومنتج له، الصين تتجه أيضاً لتصبح في المقدّمة في استهلاك النفط، فهي اليوم ثاني أكبر مستهلك للنفط بما يقارب 10.6 مليون برميل من النفط في اليوم مقارنة بالولاياتالمتحدة التي هي أكبر مستهلك للنفط بما يقارب 19 مليون برميل من النفط في اليوم ومع ذلك، فإن مستوى استهلاك الطاقة لكل فرد يبقى متدنياً عندما نقارن هذا المستوى بالدول الأخرى مثل الولاياتالمتحدة وألمانيا واليابان وجنوب كوريا، ويقترح هذا المستوى المتدني مقارنة بالدول الأخرى إلا أن المزيد من الطلب على الطاقة سيأتي من الصين خلال الأعوام المقبلة، في الوقت الذي تعتزم فيه الصين تعزيز قاعدة الاستهلاك، حسب تقرير صادر عن شركة «آسيا للاستثمار» المتخصصة في الاستثمار في الأسواق الآسيوية الناشئة. الصين الصين تتجه أيضاً لتصبح في المقدّمة في استهلاك النفط، فهي اليوم ثاني أكبر مستهلك للنفط بما يقارب 10.6 مليون برميل من النفط في اليوم مقارنة بالولاياتالمتحدة التي هي أكبر مستهلك للنفط بما يقارب 19 مليون برميل من النفط في اليوم، ورغم هذا الفرق فمن المهم النظر إلى تطور نمو الطلب من الدولتين، فالولاياتالمتحدة شهدت ثباتاً في مستوى الاستهلاك خلال العقد الأخير، في حين كان الاستهلاك الصيني للنفط نامياً بشكل منتظم منذ ما يقارب عقدين، ليرتفع بمعدل 6 بالمائة كل عام من 3 ملايين برميل من النفط في اليوم في عام 1995، وحين نرى معدلات النمو الحالية والمتوقعة للصين، بالإضافة إلى مختلف العوامل الديناميكية التي تعني عدد السكان وظاهرة التمدين، فإن معدل نمو استهلاك النفط الصيني سيبقى على ما هو عليه، أي إلى الارتفاع في السنوات المقبلة. ومع أن الصين ستحتاج إلى الوقت حتى تتخطى مستويات الاستهلاك في الولاياتالمتحدة، فإنه لا مفر من ذلك في نهاية المطاف. احتياطات وفي المقابل، أصبحت توجهات إنتاج النفط تأخذ شكلاً جديداً وبالأخص في الولاياتالمتحدة، حيث كانت مستويات إنتاج النفط على انخفاض منذ أكثر من عقد وإلى حين الأزمة المالية الأخيرة، ومنذ ذلك الحين عادت مستويات الإنتاج إلى الارتفاع وبشكل ملحوظ أيضاً بحيث قد يتخطى إنتاج الولاياتالمتحدة مستوى الإنتاج السعودي من النفط، ويعود الفضل في انتعاش إنتاج الولاياتالمتحدة إلى التقدم التكنولوجي الذي أحرزته في قطاع استخراج النفط الصخري، وهو ما يضعها في القيادة فيما يخص هذه التكنولوجيا، وقد يلمّح إلى أن الولاياتالمتحدة قد تصبح مستقلة ومكتفية ذاتياً في الطاقة، الأمر الذي نراه اليوم مع انخفاض مستوى استيرادها للنفط ( كما يبينه الرسم البياني). أما في الصين، فقد استمرت مستويات استهلاك النفط بالزيادة تدريجياً لتبلغ حالياً ما يفوق حجم أربعة ملايين برميل من النفط في اليوم، وصاحبها زيادات في حجم استيراد الطاقة، ومن المتوقع أن تستمر هذه الزيادة في الاستهلاك والاستيراد، ووفقاً لإدارة معلومات الطاقة الأميركية (EIA)، فمن المتوقع أن تتفوّق الصين على الولاياتالمتحدة في حجم استيراد النفط قبل نهاية العام. تقليل الاعتماد الولاياتالمتحدة، سيقل اعتمادها على الدول المصدرة للنفط، وبالفعل انخفض طلبها من الدول الخليجية المصدرة للنفط خلال السنوات الأخيرة، ونتوقع أن يواصل هذا التوجه على المدى المتوسط، لكن رغم انخفاض طلب الولاياتالمتحدة، فإن دول الخليج مازالت تصدر النفط ومشتقاته بالمستوى نفسه الذي كان عليه قبل تغير مستوى طلب الولاياتالمتحدة، ويعود ذلك إلى زيادة الطلب من دول آسيا الناشئة منذ أكثر من عقد حين انتقل قطاع التصنيع إلى آسيا الناشئة، وبالتالي استمر ارتفاع الطلب على النفط من دول آسيا الناشئة التي هي اليوم الشريك الرئيس في التبادل التجاري مع الخليج، وازداد بشكل ملحوظ، لأن دول آسيا الناشئة هي مستوردة صافية للنفط، وهو ما استفادت منه دول الخليج. بفضل ارتفاع الطلب على النفط من آسيا، ورغم انخفاض الطلب من الولاياتالمتحدة على النفط ومشتقاته من منطقة الخليج، فمن المتوقع ألا تنخفض أسعار النفط إلى المستويات التي كانت عليها قبل الأزمة. أما دول آسيا الناشئة، فمن المتوقع أن يبقى استهلاكها من النفط مرتفعاً بدعم من طلب الشركات والأفراد، وأيضاً من تنمية البنية التحتية في هذه الدول لتلبية الحاجة السكانية، وزيادة الطبقة المتوسطة، والتمدين، بالإضافة إلى تطور قطاع التصنيع، وإن بدأت آسيا تطوير مواردها من النفط، فمن المتوقع أن يواصل معدل النمو الاقتصادي وحجم الطلب على النفط في دعم الموارد النفطية من دول الخليج، لذا علينا أن نتوقع تقوية العلاقات بين المنطقتين على المدى المتوسط.