إشادة سعودية – فرنسية بتقدم مشروع «فيلا الحجر»    البيان المشترك الصادر عن الاجتماع الثاني للجنة الوزارية السعودية- الفرنسية بشأن العُلا    14% نموا في أعداد الحاويات الصادرة بالموانئ    عروض ترفيهية    المملكة تستعرض إنجازاتها لاستدامة وكفاءة الطاقة    شارك في الطاولة المستديرة بباكو..الجاسر: 16 مليار دولار تمويلات البنك الإسلامي للمناخ والأمن الغذائي    أمن واستقرار المنطقة مرهون بإقامة دولة فلسطينية مستقلة    اكتشاف تاريخ البراكين على القمر    «واتساب»يتيح حفظ مسودات الرسائل    تجاوز الدحيل القطري.. الخليج ينفرد بصدارة الثانية في «آسيوية اليد»    ضمن منافسات الجولة ال11.. طرح تذاكر مباراة النصر والقادسية "دورياً"    الأهلي والهدى يواصلان التقدم في «ممتاز اليد»    الأخضر يبدأ تحضيراته لمواجهة أندونيسيا في تصفيات مونديال 2026    محافظ محايل يتفقد المستشفى العام بالمحافظة    ضبط أكثر من 20 ألف مخالف لأنظمة الإقامة والعمل وأمن الحدود خلال أسبوع    السخرية    إطلاق النسخة الرابعة من «تحدي الإلقاء للأطفال»    المحترفون يتألقون في أشواط اليوم الرابع لكأس نادي الصقور بحفر الباطن    الابتسام يتغلّب على النصر ويتصدّر دوري ممتاز الطائرة    الحكمة السعودية الصينية تحول الصراع إلى سلام    رحلة قراءة خاصة براعي غنم 2/2    دخول مكة المكرمة محطة الوحدة الكبرى    ألوان الأرصفة ودلالاتها    سياسات أقطاب «النظام العالمي» تجاه المنطقة.. !    ابنتي التي غيّبها الموت..    وزير الرياضة يشهد ختام منافسات الجولة النهائية للجياد العربية    «الجودة» في عصر التقنيات المتقدمة !    وطنٌ ينهمر فينا    المرتزق ليس له محل من الإعراب    الإعلان عن أسماء الفنانين العالميين في «نور الرياض» ومشاركة «18» سعوديًا    حكم بسجن فتوح لاعب الزمالك عاما واحدا في قضية القتل الخطأ    زيلينسكي يفضل الحلول الدبلوماسية.. ومجموعة السبع تهاجم روسيا    المملكة تقدم مساعدات إنسانية وإغاثية ب133 مليار دولار ل170 دولة    «إنسان».. خمس جوائز وتأهل للعالمية    "ديوان المظالم" يقيم ورشة عمل لبوابة الجهات الحكومية    إحباط تهريب (32200) قرص خاضع لتنظيم التداول الطبي في جازان    المملكة تتسلم رسميًا استضافة منتدى الأمم المتحدة العالمي للبيانات 2026 في الرياض    التواصل الحضاري ينظم ملتقى التسامح السنوي    أمير تبوك يطمئن على صحة الضيوفي    ختام مسابقة القرآن والسنة في غانا    خطيب المسجد الحرام: احذروا أن تقع ألسنتكم في القيل والقال    إمام المسجد النبوي: استبصار أسباب الفلاح يؤدي إلى السعادة    المؤتمر الوزاري لمقاومة مضادات الميكروبات يتعهد بتحقيق أهدافه    اتحاد القدم يحصل على العضوية الذهبية في ميثاق الاتحاد الآسيوي لكرة القدم للواعدين    ضبط يمني في الدمام سكب الأسيد على آخر وطعنه حتى الموت    الزفير يكشف سرطان الرئة    تطوير الطباعة ثلاثية الأبعاد لعلاج القلب    القهوة سريعة الذوبان تهدد بالسرطان    أمير الباحة يكلف " العضيلة" محافظاً لمحافظة الحجرة    خطأ في قائمة بولندا يحرم شفيدرسكي من المشاركة أمام البرتغال بدوري الأمم    تطبيق الدوام الشتوي للمدارس في المناطق بدءا من الغد    "السوق المالية" و"العقار " توقعان مذكرة تفاهم لتنظيم المساهمات العقارية    «سلمان للإغاثة» يوزّع 175 ألف ربطة خبز في شمال لبنان خلال أسبوع    تركيا.. طبيب «مزيف» يحول سيارة متنقلة ل«بوتوكس وفيلر» !    مركز عتود في الدرب يستعد لاستقبال زوار موسم جازان الشتوي    الأمير محمد بن سلمان.. رؤية شاملة لبناء دولة حديثة    عبدالله بن بندر يبحث الاهتمامات المشتركة مع وزير الدفاع البريطاني    البصيلي يلتقي منسوبي مراكز وادارات الدفاع المدني بمنطقة عسير"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اليوم تكشف كواليس العملية «0» وسر الكود 600 في فض اعتصامي الإخوان والنهضة
نشر في اليوم يوم 15 - 08 - 2013

لأول مرة منذ 46 يوماً، أفاقت مصر صباح الخميس، على هدوء حذر عقب يومٍ عصيب، الأربعاء، نجحت فيه عناصر الأمن والقوات الخاصة في فض اعتصامي جماعة الإخوان، في ميداني النهضة بالجيزة، ورابعة العدوية بمدينة نصر، تحت أنظار عالم يتفرج على الهواء مباشرة. وهي عملية شابها كثير من التردد، والخوف من سقوط آلاف القتلى بعد حالات شد وجذب متوترة، بين السلطة التي حزمت أمرها «أخيراً» على إنهاء الوضع، مهما كان الثمن، وبين جماعة «إخوان» بدا أنها تمارس حربها الأخيرة، فعاندت وتصلبت مراهنة على موقف دولي ووهم بقدرتها على الحشد.
هاتف الفجر
البداية، كانت بهاتف مبكر للغاية، من شخصية أمنية رفيعة عند الساعة 5.45 بعد فجر الأربعاء، كلمات مقتضبة جداً: «اصح حالاً.. خلال ساعة ستبدأ العملية (0) لا وقت للتفاصيل» ثم أغلق الهاتف، صحوت مسرعاً إلى جهاز التليفزيون، وأنا أتذكر ما سبق أن قالته لي شخصية عسكرية برتبة لواء، في دردشة سريعة مساء الثلاثاء، من أن عملية فض الاعتصامين ستكون مع بزوغ شمس «أحد الأيام» وبرّر ذلك بتلافي ما يمكن أن تشيعه الجماعة من اعتداء وقتل خلال أدائهم صلاة الفجر، كما حدث خلال أحداث الحرس الجمهوري.. ولما سألته: ولماذا لا تكون مع نهاية آخر ضوء أو عند المساء، أجاب بأنهم أي الجماعة سيكونون في حالة يقظة واستعداد، ما يصعب المهمة.
اللواء أركان حرب (ع. ع) والذي رفض نشر اسمه كاملاً، قال ل(اليوم) رداً على سؤال، حول سبب اتهام الحكومة والداخلية بالتردد في فض اعتصامي رابعة والنهضة، بأن ذلك ضمن خطة لتنويم «الجماعة» مغناطيسياً، وهذا ما لوحظ على طريقة خطابها المنتشي بالغرور في الأيام الأخيرة، ولفت الانتباه إلى التركيز على تنفيذ ما سماها «خطة قطع الأيادي» التي ينفذها الجيش في سيناء ضد الجماعات الإرهابية، والتي كثيراً ما هدد بعض قادة «الإخوان» بتوجيهها نحو الجيش والشرطة، عبر عمليات إرهابية متعددة استهدفت منشآت عسكرية وأمنية. وأوضح، أنه عبر ضربات عسكرية مؤثرة، تم شلّ حركة العديد من الجماعات التي تسمى «جهادية»، وضرب خطوط اتصالها بقيادات الجماعة، لتسهيل المهمة اللاحقة.
فيما كان أذان المغرب، انتهى الموقف تماماً.. وسجلت عدسات الكاميرا مئات من عناصر الإخوان، وهم يخرجون منكسي الرأس، عبر الممر الآمن، بعد أن قضي الأمر.. بعضهم ربما يكون غادر إلى بيته، وبعضهم بالطبع لم يستسلم، ربما ذهب إلى بؤرة أخرى يستكمل فيها «جهاده» بعد 12 ساعة مثيرة، ذهبت فيها أسطورة الجماعة إلى مأساة لم تتوقعها أبداً.
تسريب متعمّد
وحين بدأت عملية «التطهير» فعلياً عند الساعة 6.55 صباحاً، سبقتها استعدادات مكثفة ورفع لمستوى جاهزبة القوات بشكل غير اعتيادي، وعلمت (اليوم) أنه تم تغيير ساعة الصفر ثلاث مرات، خلال ال72 ساعة التي سبقت فجر الأربعاء، وأهمها موعد «فجر الاثنين» الماضي، الذي تم تسريبه عمداً لبعض وكالات الأنباء، لاختبار الجماعة، التي رفعت تأهبها، وتكرر التأهب لليوم التالي (الثلاثاء) لتسترخي قياداتها تماماً في وهم تصديق عجز الحكومة وعدم قدرة الداخلية، وإيمان المتواجدين برابعة، من أن الملايين سيهبون للدفاع عنهم، دون أن يدركوا أن الزمن انتهى.
تأهب وتمويه
في الواحدة من صباح الأربعاء، وعلى بعد أقل من 5 كيلو مترات، من رابعة العدوية، وتحديداً في معسكرات الفتح وناصر وأبو بكر الصديق وأحمد شوقي والدَّرَّاسة، كانت تشكيلات الأمن المركزي، تتأهب وتجهز قواتها بالدروع الواقية من الرصاص والبدل الواقية الحديثة التي تغطى الجسم بأكمله، وكذلك المدرعات والأوناش التي سيتم استخدامها في إزالة الحواجز والسواتر الإسمنتية التي نصبها أنصار الجماعة للحماية وعرقلة أية محاولة اقتحام.
قبلها بأكثر من ثلاث ساعات، اعتمدت خطة تمويه بارعة، ضمنت تحريك موكب وزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم، إلى منزله بمدينة نصر، الموكب كان بدون الوزير بالطبع، الذي كان في ذات اللحظة في مكتبه، يواصل مع قادة الأفرع والتشكيلات متابعة الاستعدادات، الإشارة وصلت لقيادات الجماعة، بأن الأمور عادية، والوزير غادر لينام في منزله، ما يعني ألا شيء غير عادي سيحدث، وهذا ما ساهم في زيادة التضليل.
المصيدة
بمرور الوقت، وبينما كان يتم الدفع ببطء بعناصر خاصة ومعدات منها كاسحات عسكرية وعربات مدرعة، بدأت في تطويق جميع مداخل ميدان رابعة من الشوارع الجانبية، والتي كانت تمثل صعوبة حقيقية في إحكام السيطرة عليها، وبالذات مع مخاوف من وجود أسلحة ثقيلة مع عناصر وميليشيات الجماعة، كانت عناصر أخرى، تمكنت من حصار ميدان نهضة مصر بشكل كامل.. بحيث أنه عند الساعة 4.40 صباحاً، توالت الرسائل عبر أجهزة اللاسلكي، وبشفرة خاصة، بأن رابعة والنهضة تحولتا ل»مصيدة».
5 دقائق فقط، كانت كافية للاطمئنان على الجاهزية والاستعداد، لتصدر على الفور، عند الساعة 4.45 دقيقة، تعليمات بوقف أية أحاديث على أجهزة اللاسلكي، والسبب كما فسرته صحيفة (المصري اليوم) يعود لاستيلاء جماعة الإخوان، على بعض إشارات البث والأجهزة اللاسلكية الخاصة بالوزارة.
الكود 600
في ذات التوقيت، جاءت إشارة سريعة، لا تحمل سوى رقم «الكود 600»، وكان ذلك يعني اكتمال وصول وزير الدفاع الفريق أول عبدالفتاح السيسي إلى غرفة العمليات بالوزارة، لتبدأ بعدها بدقائق عملياً على الأرض خطة الإخلاء وانتشار القوات والعناصر الأمنية. في سرية تامة وسرعة نحو الهدف الأهم.. رابعة العدوية.
من بعيد كانت مكبرات الصوت محمولة على عربات صغيرة، تحث المعتصمين على الانصراف، عبر ممر آمن وحيد، هو مدخل شارع النصر، في مدينة نصر، مع وعود بعدم الملاحقة، عدد غير قليل استجاب في البداية، وهم المرتزقة والمتسولين وعمال اليومية الذين وجدوا في الاعتصام فرصة للطعام والشراب مجاناً مع بعض المال، ومعهم بعض المتعاطفين، فيما البقية (وهم عقائديو الإخوان) لا تصدق أن لحظة الصفر حانت، أفاقت منصة رابعة على الخبر، فضربها الذهول، وحاولت استجماع قوتها، لكن الوقت قد فات، ولم يسعفها الأنصار، فاختفت القيادات سريعاً لتلتحق بالمسجد، على أمل وصول نجدة من مسيرات تمت الدعوة إليها، لانتشالهم من المأزق.
لكن الكماشة، في الخارج كانت مكتملة الأركان، فبدأت عصبية رد الفعل، بإطلاق بعض الموجودين الرصاص في محاولة يائسة، وهرع بعض القناصة (التي قيل انهم من عناصر أجنبية) إلى أسطح العمارات للمواجهة، بينما على الأرض كانت البلدوزرات وكاسحات الطرق، تزيل الحواجز والكتل الأسمنتية.
في ذات الوقت، كانت قوات فض الشغب، وأفراد العمليات الخاصة، تتدخل، لتفريق المتواجدين، تسندها وحدات من الخلف تستخدم قنابل الغاز، لشل حركة المعتصمين، فيما كانت عناصر منهم تحاول الانضمام من على كوبري أكتوبر جهة المنصة، لكن الأمن كان لهم بالمرصاد، ولم يستطيعوا إلا إلقاء سيارة شركة بها 5 جنود من أعلى الكوبري لتودي بحياتهم.
فيما جاءت الأنباء عند الساعة 10.30 صباح الأربعاء، بانتهاء فض اعتصام النهضة تماماً، عندها أحست «رابعة» باليأس، وهي التي كانت تهدد بمليونيات في حال إقدام السلطة على الفض، ليشتعل الموقف ويسود الهرج والمرج، وينسحب عدد غير قليل من المعتصمين نحو ميدان الساعة، بشارع النزهة، الذي لا يبعد عن مكتب (اليوم) سوى مئات الأمتار، لتدور أعنف المواجهات في معركة البقاء الأخيرة.. فيما دخان الحرائق يسود الأجواء، بعد أن اندفعت عناصر الجماعة إلى إحراق كل ما تصل إليه أيديهم، حتى موقف السيارات الخاصة القريب تحول إلى كتلة من اللهب.
النهاية
بعد العصر بتوقيت القاهرة، بدا الموقف ينذر بالنهاية، إلا من رائحة قنابل الغاز، وبدت منصة رابعة لأول مرة أمام عناصر الأمن، خالية تماماً ممن تعودوا استجداء التعاطف، ليتقدم أحد اللوادر ويطيح بها رأساً على عقب.
في ذات التوقيت، كانت عناصر القوات الخاصة وسلاح المهندسين العسكريين، تصل إلى سيارتي البث التليفزيوني التي سرقها المعتصمون من التليفزيون المصري، وسمحوا من خلالها لقنوات موالية بالبث عبرها، لتعطلهما تماماً، ليتوقف بث قنوات عديدة، مثل الجزيرة، والقدس وأحرار 25 وغيرها.. ليكون انتصارا آخر.
عند السابعة مساء، وفيما كان أذان المغرب، انتهى الموقف تماماً.. وسجلت عدسات الكاميرا مئات من عناصر الإخوان، وهم يخرجون منكسي الرأس، عبر الممر الآمن، بعد أن قضي الأمر.. بعضهم ربما يكون غادر إلى بيته، وبعضهم بالطبع لم يستسلم، ربما ذهب إلى بؤرة أخرى يستكمل فيها «جهاده» بعد 12 ساعة مثيرة، ذهبت فيها أسطورة الجماعة إلى مأساة لم تتوقعها أبداً.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.