برغم ما تتمتع به العديد من البلاد العربية من موارد طبيعية، تمكنها من تحقيق ذاتها واكتفائها من منتجات قطاعي الطاقة والغذاء، إلا أنها لا تزال تترنح وتصطدم بواقع اقتصادي مأسوي في كثير من الأحيان، ولو تمعنا السرّ في ذلك، سنجده يكمن في عدم استغلالها الموارد الأكثر أهمية على المستوى العالمي والمستوى العربي وهما الطاقة والغذاء. والذي يتابع التقارير الصادرة عن صندوق النقد الدولي، سيتأكد له انه بالفعل أن العجز الاقتصادي الذي يصيب معظم البلاد العربية، ناتج عن عدم قدرتها على استغلال ما لديها من موارد قطاعي الطاقة والغذاء، وبالمقابل ارتفاع المعونات والمساعدات التي تتلقاه هذه الدول من صندوق النقد الدولي في هذين القطاعين تحديدا. ارتفاع المعونات والمساعدات في القطاعين المذكورين بالإضافة إلى انخفاض المداخيل الضريبية الجمركية نتيجة الأحداث الراهنة المحيطة بالمنطقة، بجانب فتح الحدود لاستيراد البضائع بتعرفة جمركية مخفضةوأشارت تقارير الصندوق إلى أن الدول الأربع غير النفطية، أي الأردن والمغرب وتونس ومصر تعاني تقريبا من مشاكل متشابهة، وهي تتلخص في عجز كبير في ميزانية الدولة، حيث بلغ في مصر 10 في المائة وفي الأردن 11 في المائة، وتونس 9 في المائة، والمغرب 10 في المائة، إذ أن الصندوق عزا هذا العجز إلى ارتفاع المعونات والمساعدات في القطاعين المذكورين أعلاه، بالإضافة إلى انخفاض المداخيل الضريبية الجمركية نتيجة الأحداث الراهنة المحيطة بالمنطقة، بجانب فتح الحدود لاستيراد البضائع بتعرفة جمركية مخفضة. ومع أن هناك حديثا عن عجز كبير في الميزانيات التجارية في البلاد العربية، يتراوح بين 4 في المائة من الدخل القومي في تونس و19 في المائة في الأردن، ناتج من فقدان القدرة التنافسية بالرغم من انخفاض قيمة عملات كل تلك الدول، والى انخفاض الطلب من الدول الأوروبية التي تعاني من أزمات اقتصادية، أما الاستيراد في تلك الدول فيبقى مرتفعا نتيجة انخفاض التعرفة الجمركية، ولكن تبقى غياب عنصر التنافسية في قطاعي الطاقة والغذاء يخلق أزمة اقتصادية وبطالة في شعوب تلك البلاد. وخلاصة القول إن البلاد العربية التي تمتلك قدرا كبيرا من مقومات الانتاج الزراعي والتصنيع الغذائي، لابد لها من ان تضع خطة استراتيجية لاستغلال الموارد المتاحة في هذين القطاعين وتوجيههما لمصلحة البنيات التحتية وتوفير أسباب العمل الانتاجي لشعوبها.