لم تكن مفاجأة لقطاع كبير من المثقفين في الساحة الدولية والاقليمية ما تضمنته كلمة المليك يحفظه الله ويرعاه التي وجهها لعموم المسلمين في مشارق الارض ومغاربها والتي امتلأت بالشجون والعواطف الجياشة تجاه ابناء الامة عطفا على ما يجري في دول الجوار القريب على وجه الخصوص وما نراه ونسمعه من أحداث ومظالم تقع على المسلمين في اصقاع الارض المختلفة. ولعله من السهل لمن يتفحص في ثنايا الكلمة الكريمة التي ألقاها في وسائل الاعلام نيابة عن المليك يحفظه الله، الامر لا يخفى على قارئي الكريم بان الأمر يتضح بصورة جلية في ارض الكنانة،مصر،التي غدت بين عشية وضحاها مقسومة انقساما شعبيا ونفسيا وفكريا الى نصفين متناحرين في صورة مؤلمة ليس لنا فقط ابناء الامة العربية والاسلامية بل ان الامر يؤلم كل شرفاء العالم ومحبي السلام الذين تهيمن الروح الانسانية على تفكيرهم وعطائهممعالي وزير الاعلام الدكتور عبدالعزيز محيي الدين خوجه،استشفاف الشعور بالألم والحزن على مجيء مثل هذه المناسبة الاسلامية العالمية وحال المسلمين في شتات وفرقة ليس كما هو معتاد لغلبة القوى الخارجية عليهم وليس كما هو استثنائي لتناحر بين دول العالم العربي والاسلامي بل ان الامر قد تعدى هذا المنظور الى ما هو اشد بالتناحر وشيوع روح الفوضى بين ابناء الشعب الواحد بل وفي احيان كثيرة بين ابناء البيت الواحد من الاشقاء وذوي الرحم،ولعل هذا الامر لا يخفى على قارئي الكريم بان الأمر يتضح بصورة جلية في ارض الكنانة،مصر،التي غدت بين عشية وضحاها مقسومة انقساما شعبيا ونفسيا وفكريا الى نصفين متناحرين في صورة مؤلمة ليس لنا فقط ابناء الامة العربية والاسلامية بل ان الامر يؤلم كل شرفاء العالم ومحبي السلام الذين تهيمن الروح الانسانية على تفكيرهم وعطائهم،فكيف والامر يتعلق بقائد بلاد الحرمين الذي يتلمس نبض الالم للعرب خاصة والمسلمين والانسانية عامة،واذا كانت المشاعر بالفرح او بالحزن تبرز في مثل هذه المناسبات الشريفة فلاعجب ان نسمع مثل هذا الخطاب الجليل من المليك يحفظه الله والذي يعلم العقلاء بجهوده الحثيثة في السر والعلن للخروج بالاخوة في مصر من هذا النفق المظلم.ولما كان الامر كذلك فان لغة العقل والمنطق تفرض لزاما على اهل الشأن وطرفي النزاع في ارض الكنانة الايمان التام بان تشبث كل طرف بمطالبه هو خسارة حتمية للطرفين وان القدرة على ضبط النفس وتقديم التنازلات ما امكن هو الخيار الوحيد للخروج من حالة التجاذب الذي نخشى ان يقطع شريان الحياة في مصر العزيزة وليعلم الاخوة المعنيون في مصر ان التكتيك الاستراتيجي المدروس يوجب لزاما الايمان بالآخر بل وانه من المفيد للطرفين المتنازعين التذكر بان ما يجمعهما من مصالح مشتركة بل ومن محبة وصلات قربى هو افضل بكثير من واقع أي طرفي نزاع في العالم من حولنا كما انه من الضرورة بمكان ان نهمس في اذان احبتنا طرفي النزاع في مصر ان استقاء الحلول من الخارج ومن خلال وسائل ليست مصرية هو امر جيد ولكن الأفضل والأكمل والأوقع في النفس بل والادوم هو نبع اهل الدار فقد يكون ماؤه ادفأ ومشربه اروى للجسد المصري الواحد بل وان القدرة على تذويب الفوارق وكبح اللجج سيكون أمضى من القادم من الخارج ،اما المضي في لغة التعالي والتمسك بثوابت كل طرف فلا نراه الا زيادة في سوء نرجو الا نذكّر به في زمن ولات حين مناص،وما احوجنا في هذه الايام الحرجة من عمر الامة للنظر بعين الحكمة ومصلحة الجماعة في عبر سيدي وسيد ولد آدم محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم في صلح الحديبية حين ذهب بابي هو وأمي مذهبا من التعقل وعظيم الحكمة إلى حد أغضب حكيم الامة الفاروق عمر ولكنه كان صلحا حمل الخير للاسلام في تاريخه الطويل في درس تاريخي للامة بان السياسة والمراوغة العادلة للخروج من المواقف العصيبة هي صفة العظماء الذين تأتي على مقاديرهم العزائم في زمن جفت فيه كلمة الحق او تكاد، على ان الله غالب على امره وان الحق ابلج، يعلو ولكن لا يعلى عليه، وكل عام وأنتم بخير.