في كل عام يصل سؤال من أصدقاء في صفحات وملاحق ثقافية تعنى بالدراما السعودية في رمضان ، ونحن تعودنا أن الدراما السعودية عبارة عن «موسم» تجاري يتم اختياره بعناية نتيجة الفراغ الهائل الذي يضاف لنا بحكم تغير «نمط» معيشتنا ، وتقسيمها إلى فترات ذهبية وفضية زمنياً ، فترات الذروة كما يسميها منتجو الدراما وما بعدها ، الذروة هي الفترة الذهبية التي نصاب فيها بالتخمة و «نتطبح» أمام الشاشات كالفقمات لننتظر ما سيُنتَج وما ينتج عنه. أحد الأصدقاء سألني عن المسلسلات السعودية في رمضان. في فضاء السينما السعودية الكثير من التجارب الشابة الجديدة لم تأخذ الفرصة ولن تأخذها بناء على هذه التقييمات والشروط التي تضعها القنوات التلفزيونية التي اشتهرت بانتاجها السنوي، وهذه بالتأكيد قنوات تجارية ، شخصيا لا أنتظر منها أي شيء على المستوى الفني الدرامي ، وهي حرة في ذلك كما أننا أحرار في متابعتها من عدمه في كل عام يتكرر نفس المشهد ، كوميديا مغصوبة على أمرها وتكرار «شخصيات» وأفكار ، المشكلة تبدو في أساسها مشكلة إنتاج ومشكلة شخصيات، لم تستطع الدراما السعودية بعد أن أنجبت جيل الثمانينيات بالتحديد إلا أن تنتج مجموعة من «المسوخ» التي نتابعها سنوياً ، مع التحفظ طبعاً على أي تجربة ناشئة وهذه سيتم تدريبها مع الوقت على تكرار هذه الشخصيات. في الكوميديا يبدو أثر ناصر القصبي «الاداء الحركي» طاغياً على جيل كامل من الناشئين وهذه حالة مدمرة متروكة في فضاء مريع من غياب التدريب والمعاهد المتخصصة التي يمكن أن تقوم بهذا الدور. أي ممثل ناشئ يتدرب أمام الكاميرا مباشرة وتشاهده بعد شهرين على الشاشة في دراما وكوميديا بدائية . من الذي ساهم في ذلك ؟ أعتقد أن المحطات التلفزيونية وشروطها كانت سبباً جوهرياً ، فالذي أعرفه أن الموافقة على الإنتاج تتم وفق تصنيف A B C لشهرة الممثلين لا لأدائهم ولا لثراء التجربة وتميزها ، بل لشعبيتها . هذه الشعبية التي أنتجناها طوال عشر سنوات هي شهادة الخبرة التي بناء عليها يتم تقييم الممثل مهما كان دوره. في فضاء السينما السعودية الكثير من التجارب الشابة الجديدة لم تأخذ الفرصة ولن تأخذها بناء على هذه التقييمات والشروط التي تضعها القنوات التلفزيونية التي اشتهرت بانتاجها السنوي، وهذه بالتأكيد قنوات تجارية ، شخصيا لا أنتظر منها أي شيء على المستوى الفني الدرامي ، وهي حرة في ذلك كما أننا أحرار في متابعتها من عدمه. السؤال والمحاكمة التي يجب أن تتم هي محور هذا السؤال ولا أعتقد أن أيا من المهتمين سيجد حرجاً من أن يشير لها بالفشل في تقديم ممثل وحزمة من الأعمال المهمة ، يمكن المقارنة بالإنتاج الخليجي في الثمانينيات والسعودي على الأقل على مستوى الخليج ، سوريا ومصر أيضاً حتى الآن . ما الذي يجعل الدراما العربية تنجح بينما نفشل، ما الأسباب التي تجعلنا نكرر مشهد التهريج ، غياب العنصر الفاعل والمهم غياب التدريب شروط الإنتاج وظروفه ؟ أعتقد جازماً أن كل هذه أسباب جوهرية ومهمة ، ولن نقدم مستقبلا أيا من عناصر العمل الدرامي دون أن نتحول إلى معاهد للسينما والتدريب والدراما والمسرح ، الإنتاج البصري ناقص الأهلية تماماً وبجدارة في ظل غياب هذا الدور الذي لم يقم به أحد حتى الآن ولا وزارة الثقافة والإعلام . مع كل الاحترام والتقدير للقائمين على الانتاج الدرامي والدراما في الوزارة إلا أنها يجب أن تحاكم نفسها بنفسها من خلال المتوفر والموجود والمنتج الآن ، وما لم تقم بواجبها الوطني تجاه الفنون كلها فإننا سنستمر في متابعة مشاهد مكررة للبشاعة . هكذا أجبته مختصراً الفظاعة التي أصبحت ممنهجة جداً للأسباب إياها. في الدراما السعودية والقنوات التي تدعمها «تجارة» هائلة نعرف أنها تدرّ الملايين على نجوم الصف الأول وعلى المنتجين أحياناً لو تعذروا بالخسائر ، بسببها يظهر لنا «كوميديون» مفتعلون، وبسببها القصص والحكايات يتم تركيبها كحادث مروريّ مروّع. وتدرّ الملايين على القنوات التلفزيونية بسبب الإعلانات. هذا حقّهم بما أننا تحولنا إلى متفرجين على من يتفرّج علينا ، هذه المشكلة ليست وحدها أمام سلبيتنا ووقوفنا مكتوفي الأيدي في المطالبات الضرورية للحياة ومنها السينما ومعاهد التدريب والمسارح الأهلية والفنون بكل أشكالها ، فما دمنا كذلك على أن نتفرج على حركات المهرجين التي يعتقد من يقوم بها أنه نجم الكوميديا في العالم ! Twitter:@adel_hoshan