تزداد الأجواء العربية سخونة من خلال امتداد الاحتجاجات الشعبية إلى دول عديدة ولعل آخرها سوريا, وكل المؤشرات تدل على أنها لن تقف عند حد معين, وهناك دول أخرى مرشحة أن تنتقل إليها الاحتجاجات. أصل الاحتجاجات تقوم في رفض جماهير تلك الدول لحالة الجمود السياسي, وتسلط طبقة حاكمة على مقادير شعبها لا تريد ان تقدم تنازلات سياسية وإصلاحية في سبيل إنقاذ أوطانها من الانهيار والفوضى. حين بدأت الاحتجاجات في تونس لم يكن في خلد أكثر المراقبين تفاؤلا أن تمتد إلى دول مجاورة مثل مصر وليبيا والجزائر وتنتقل إلى سوريا واليمن مثل انتقال النار في الهشيم. المشهد اليومي المتكرر في وسائل الإعلام المباشرة يؤكد أن هذه الاحتجاجات لن تقف عند حدود وربما تندفع إلى مجاهل لا يعلم سوى الله عز وجل أعماقها ومن الطبيعي أن تدخل على خطوط التماس دول كبيرة وإقليمية لتنفيذ أجنداتها السياسية وتحويل مجرى الأحداث بما يتلاءم مع استراتيجيتها السياسية وهو استغلال معروف ونرى له أمثلة كثيرة في صفحات تاريخ الإنسانية. إيران خير مثال على استغلالها للأحداث والاحتجاجات العربية من خلال مد أياديها في الدول العربية والخليجية وهو ما لاقى حزما من قبل دول مجلس التعاون الخليجي ولا ننسى أيضا أن دولا كبرى مثل أمريكا لاشك أنها ليست ببعيدة عن دعم الاحتجاجات من خلال توفير الدعم الإعلامي والسياسي لحركات الاحتجاج على أمل أن لا تأتي النتائج الأخيرة للثورات في غير صالحها وصالح مشروعها الشرق الأوسطي الكبير. تبقى إسرائيل وهي في اعتقاد الكثيرين انها تتفرج, ومخطئ من يعتقد انها كذلك ولاشك انها على المستوى الاستخباراتي ناشطة للرصد والتأثير على مجريات الاحداث السياسية حتى لا تتحول الانظمة الجديدة ضد سياساتها القمعية للشعب الفلسطيني ونظرتها المتعالية على العرب وطموحهم إلى العدالة. من صالح الدول التي تشهد اضطرابات سياسية واحتجاجات شعبية ان تعيد النظر في مسارها السياسي وان تفوت الفرصة على من تتهمهم بالتدخل في شؤونهم وذلك بتطبيق سياسات اصلاحية جذرية تقبل بها شعوبها وان تبادر الى تمهيد الارضية لسلام دائم مع شعوبها, وان تمتنع عن سياسات القمع ويكفي ما يحدث في ليبيا من مشاهد دامية وما يفعله نظام العقيد القذافي بشعبه من مجازر واحتراب أهلي. نأمل ان ينتهي المشهد العربي بأقل الخسائر وان تنجو امتنا العربية من كل الدسائس والمؤامرات التي تحاك ضدها.