المرأة السعودية تتميز بميلها الشديد للعمل الخيري، يعود ذلك الميل لتطور وضع المرأة بالمملكة والاعتراف بدورها بالمجتمع. فعبر عقود طويلة، كان العمل الخيري هو الطريق المفتوح أمامها لخدمة مجتمعها ووطنها، وقد اكتسبت المرأة السعودية خبرات كبيرة بالعمل الأهلي بشكل عام والخيري بشكل خاص على امتداد المملكة، وكثيرات من نساء الخير، يكرسن كل الجهد والوقت لمكافحة الفقر، والتخفيف عن المرضى، ودعم المرأة المعيلة، وغيرها من القضايا المجتمعية الهامة. حرصي الدائم على متابعة النشاط الأهلي والخيري بالمملكة، يكشف لي عن جوهر الإنسانية المجردة بعيدا عن المصالح، العطاء دون انتظار مقابل، التواصل مع كل البشر، والانشغال بهموم الناس. أسعد كثيرا بصديقاتي بهذا المجال، أحاول أن أنقل لهن خبرتي المحدودة، وأتعلم منهن معاني جديدة للعطاء، وكانت سعادتي كبيرة حين تلقيت دعوة كريمة من نخبة من نساء الخير بالمملكة للقاءات الرمضانية. الليلة الأولى من الشهر الكريم، كنت بصحبة صديقتي الحبيبة منيرة صالح العكاس رئيسة اللجنة النسائية للجمعية الخيرية لرعاية المصابين بالأمراض المزمنة بالعاصمة المقدسة ( جمعية شفاء ) بحفل الجمعية، ولم يكن غريبا ، أن تكون راعية الحفل حرم خادم الحرمين الشريفين صاحبة السمو الأميرة حصة بنت طراد الشعلان، رئيسة الجمعية الفخرية ، تلك المرأة السعودية المخلصة، المنتمية بكلها لهذا الوطن الثمين. أعجبني تواضعها الشديد، وابتسامتها الصافية التي تضم جميع الحاضرين بحنو إنسانة وهبت نفسها للخير، ولم تكتف بالرعاية، والعطاء، بل تتابع نشاط الجمعية وتطورها المستمر لأداء خدماتها بكفاءة وجودة، امرأة سعودية تدرك تفاصيل وطنها، وماذا يحتاج؟ وتدرك دورها الذي اختارته، وتؤديه باخلاص وبساطة، ودون ضجيج. برعاية سمو الأميرة، أصبحت جمعية « شفاء « أنموذجا للمشروعات الخيرية المتخصصة، دعوني اتجول معكم في هذه الجمعية ،فهدف مشروع « شفاء « هو توفير خدمة طبية متميزة لأصحاب الأمراض المزمنة،. تأسس المشروع بمنهجية علمية واضحة طبقا للهدف، وعلى سبيل المثال، تشمل رعاية مرضى السكري العديد من التخصصات، سكري الأطفال، سكري الكبار، التثقيف الصحي، التغذية العلاجية، كذلك توجد وحدات خاصة للأمراض الناتجة عن السكري، فهناك وحدة العيون ( 30% من مرضى السكري يتعرضون لمشكلات بشبكية العين ). كذلك وحدة رعاية قرحة القدم ( في كل دقيقة تحدث عملية بتر بسبب داء السكري في العالم ). يتكامل المشروع ويتوسع باستمرار، فهناك وحدة العلاج الطبيعي، ورعاية المسنين، بالإضافة لكل تخصصات الأمراض المزمنة مثل، الربو، القلب. هذا الأنموذج المتكامل، يقدم خدماته المجانية لكل من يحتاجها دون تفرقة، وقد أصبح مركزا مجتمعيا بالمعنى الفني للكلمة. فمثل تلك المشروعات التي تقوم بناء على تقدير جيد للاحتياجات، تصبح مع الوقت مركز جذب مجتمعي، حيث تقوم بدور كبير فى نشر الوعي بقضايا مجتمعية واضحة ومحددة، ويدعم ذلك الدور الوقائي بدرجة كبيرة، فنشر المعرفة بمرض معين، واحتياجات المرضى به، يسهل كثيرا فى الحد من المرض، وتقليل الألم. هذا الصرح الخيري الهائل، والقائم على فريق عمل متميز تطوعي ، تأسس واستمر وتطور على يد من سكنهم حب الخير، من أبناء مكة رئيس مجلس الإدارة الدكتور خالد طيب ،وأعضاء المجلس والعاملين به. هناك على امتداد الوطن، عشرات المشروعات الخيرية الكبيرة، والتي تأسست على يد سعوديات.وبحث سريع عن النشاط الخيري بالمملكة، يكشف عن دور المرأة السعودية بلا جدال، فهي تكافح الفقر، والمرض، والحاجة، ولا تنتظر مقابل.
