استكمالا لما سبق نواصل إلقاء الضوء على ثلاث مشاكل بيئية جديرة باهتمام ارامكو كجزء من مسؤوليتها الاجتماعية والتزامها الادبي في المحافظة على الموارد الطبيعية وتحسين المستوى المعيشي لسكان المنطقة وبالأخص المجاورون للمنشآت النفطية. الاولى استنزاف المياه الجوفية في المنطقة والتي قد يكون لحفر الاف الابار النفطية وما تستلزمه من استهلاك كبير للمياه الجوفية دور ما في نضوب المياه السطحية وانخفاض مستواها وتسرب الملوحة إليها في المكامن الجوفية. ليست هناك أدلة قاطعة على ثبوت العلاقة إلا ان بعض المختصين يرون ان استهلاك كميات كبيرة من المياه لأغراض الحفر والتحفيز قد تسببت او ساعدت في نضوب أكثر من مائة عين طبيعية في منطقة الاحساء والقطيف وانخفاض مستوى المياه السطحية وزيادة ملوحتها في المنطقة. المشكلة الثانية تعرض السواحل والمياه البحرية لعدد من مصادر التلوث ولسنوات طويلة مما يجعلها من اكثر المناطق البحرية في العالم تلوثا نتيجة الحروب والتسرب النفطي من الآبار المغمورة وحوادث ناقلات النفط ورمي مخلفات مياه التوازن الملوثة للسفن وتدفق رجيع معامل التكرير ومصانع التحلية وغيرها، وما يزيد الأمر سوءا ان الخليج العربي هو بحر ضحل وصغير ومقفل. الامر الذي يهدد الثروة السمكية والتي تشكل مصدرا مهما للأمن الغذائي الوطني بالتلوث والانقراض. يضاف إلى ذلك ان منظمة الصحة العالمية نشرت في تقرير لها ان المملكة تعتبر خامس دولة في العالم من حيث تلوث الهواء، وحيث ان المنطقة الشرقية مركز الصناعة النفطية والبتروكيماوية ومعامل التحلية وبالنتيجة هي الأكثر تلوثا. صحيح ان النفط ليس الملوث الوحيد للبحر والهواء إلا انه يظل العامل الأقدم والأكبر والأكثر تأثيرا. والمشكلة الثالثة هي تواجد أكبر نسبة من أمراض السرطان في المنطقة الشرقية حسب السجل الوطني للأورام لعام 2005. ومن المعروف مدى العلاقة السببية بين التلوث البيئي وانتشار الأمراض السرطانية. نتطلع أن تكون سعودي ارامكو الشركة النموذج في أخذ زمام المبادرة في توجيه جزء من مواردها المالية والفنية والإدارية في معالجة هذه المشاكل البيئية صحيح انه من الصعب تحديد المسؤولية لغياب الدراسات العلمية لمشاكل ومسببات التلوث في المنطقة إلا ان المؤشرات دليل نسبي. ارامكو ليست بالتأكيد وحدها المسؤولة بل كل الشركات الصناعية البتروكيماوية الكبيرة كسابك وشركات الاسمنت ومعامل التحلية. الكل مطالب بالإسهام في المحافظة على البيئة والموارد الطبيعية. المساهمة واجب أخلاقي تجاه البيئة والمجتمع. نتطلع ان تكون سعودي ارامكو الشركة النموذج في أخذ زمام المبادرة في توجيه جزء من مواردها المالية والفنية والإدارية في معالجة هذه المشاكل البيئية الثلاث. فعلى سبيل المثال باستطاعتها دعم وتمويل أبحاث جادة لتطوير المصادر المائية ومعالجة المياه الصناعية واعادة استخدامها في الزراعة. المساهمة في مكافحة وازالة التلوث البحري ومساعدة صيادي الاسماك من المواطنين بالتدريب والتمويل الحرفي. المشاركة المؤثرة في التخفيف من انتشار ومعالجة الأمراض السرطانية بإنشاء مصح متطور للأورام في المنطقة. ندرك جميعا ان التحديات كبيرة وندرك ايضا ان هناك مسؤولية اجتماعية واخلاقية تقع على عاتق الشركات والمؤسسات الكبيرة تجاه المجتمع المحلي والبيئة المحيطة. في حديث لي مع رجل كبير في السن استوقفتني كلماته المعبرة عن استشراف متشائم للمستقبل حين قال مستذكرا أيام زمان «العيون الطبيعية غارت والآبار الارتوازية جفت والنخيل ماتت والسواحل تلوثت والأسماك قلتْ فماذا بقي لنا من مصادر الرزق التقليدية؟». لا تزال منجزات المسؤولية الاجتماعية الفاعلة والممارسات المهنية التي صنعتها وحققتها شركة ارامكو في الحقبة الاولى عالقة في ذاكرة الأجيال التي عاصرتها واستفادت من عطائها، ونحن على ثقة كاملة بأنه بالإمكان استعادة عوامل التفوق والتميز والتي ان شاء الله ستزرع الثقة في الأجيال الحاضرة والقادمة. نأمل ان تكون تنمية الفرد السعودي، ايا كان طيفه وخلفياته، وخدمة المجتمع والاقتصاد الوطني هي الأولوية والهدف. وكلنا يتمنى ان تترك شركة سعودي ارامكو بصمات عديدة ومتوالية ليدرك المواطن ان اليوم أجمل وافضل كثيرا من الأمس.