بانتخاب رئيس جديد يخطو الائتلاف الوطني السوري خطوة إلى الأمام، نأمل أن تكون بداية لنهوض جديد للثورة السورية. فقد فاز أمس الشيخ أحمد عاصي الجربا برئاسة الائتلاف، بعد خلافات ومنافسات ومشاحنات كادت تعصف بالاجتماع. وبذلك يضع الائتلاف مسألة انتخاب الرئيس وراء ظهره، على الرغم أنه يفترض أن تكون هذه أصغر المشاكل، بل ليست مشكلة على الإطلاق توازياً مع الظرف الذي يعيشه الشعب السوري الشقيق. وبقيت أمام الإئتلاف ورئيسه تحديات أكثر وأعصى تتطلب حزماً ومواجهتها بقوة وصلابة. لأن أعضاء الائتلاف الوطني، مع الأسف، قد أضاعوا الكثير من الوقت وبددوا الجهد في خلافات جانبية صغيرة وليست ذات بال مثل انتخاب رئيس، بينما الشعب السوري يواجه عدوا منظماً بما في ذلك القوات الأجنبية التي منحها الأسد صك احتلال سوريا وشرعية تدنيسها للسيادة السورية. وفي مسألة الائتلاف الوطني نتمنى نحن ويتمنى السوريون ويتمنى العرب والأحرار الذين يقفون إلى جانب الشعب السوري ويدعمون ثورته المباركة الحرة، أن يأخذ الائتلاف الوطني دروساً من الماضي ولا يكرر نفس الأخطاء المجانية التي ارتكبت في مناسبات كثيرة، خاصة الخلافات الشخصية البائسة التي يعلق مصير سوريا وشعبها عليها. والآن لا يوجد وقت لدى الائتلاف للخلافات ولا المنافسات ولا التنظيرات الفلسفية، فكل دقيقة تمضي تأكل من أرض سوريا وشعبها وأمهاتها وأطفالها وشبابها وسيادتها وكرامتها. إذ يرمي أعداء سوريا بكل ثقلهم، وليس أكبر من أن يقدموا على احتلال علني لسوريا، وما كان بامكانهم أن يتجرأوا على فعل ذلك إلا وقد شاهدوا ضعف المعارضة وهوانها ورأوا الخلافات تستبد بالائتلاف الوطني فخلا لهم الجو ونفذوا خططهم وجرائمهم بكل راحة واطمئنان لأن المعارضة السورية مشغولة بنفسها، حتى أن كثيرا من السوريين يرون أن خلافات المعارضة كانت الحليف الأكبر والأول لنظام الأسد قبل إيران وروسيا وحزب الله. ولو كانت المعارضة السورية قد أخلصت لمهمتها ووطنها ونبذت الخلافات الشخصية والتنظيرات ووصايا السفراء، لكانت الآن قد كسبت مواقع دبلوماسية مهمة ومؤثرة على المسرح الدولي، ولاستطاعت أن تجابه نظام الأسد وحلف الاحتلال. وعلى الائتلاف الآن أن يعوض ما فات وأن يعمل بجد وسرعة لأن حلف الاحتلال قد أصابه سعار الجرائم وجنون العظمة بعد ما اعتبره انتصارا في القصير، وهو يود بأي ثمن تحقيق مكاسب إضافية في حمص ودمشق، لهذا يرتكب الجرائم البشعة من كل نوع ويمارس الترهيب والترغيب ويوظف آلته الإعلامية الضخمة لزرع الوهن والضعف في الثورة والشعب السوري الحر. بمعنى أنه لم يعد لدى الائتلاف وقت للخلافات والمماحكات والتنظير، فحلف الاحتلال يأكل كل يوم من مكتسبات الثورة، واستعادة هذه المكتسبات وحدها تحتاج إلى بذل جهد استثنائي، ما بالك بخطة لتحرير سوريا كلها من نظام البغي وتحالف الاحتلال الطائفي العرقي الشرير.