شاعت تسمية اللباس الشرعي للمرأة (حجاب) وأطلق لفظ (محجَّبة) على المرأة الملتزمة بذلك اللباس ولا مشاحة في الاصطلاح كما يقال ,إلا أنه يجب اجتناب استعمال هذا المصطلح المحدث للمعنى الشائع من أنه وصف للباس المرأة لعدة أمور: أولا: مخالفته لمعنى الحجاب في اللغة فالحجاب في اللغة : هو المنع من الوصول، ومنه قيل للساتر الذي يحول بين الشيئين حجاب؛ وذلك لأنه يمنع الرؤية بينهما. ثانيا: مخالفته معنى الحجاب في القرآن فقد ورد الحجاب في آيات كثيرة للساتر بين شيئين وليس للباس المرأة كما في قوله تعالى: (وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحياً أو من وراء حجاب ) وقوله:(حتى توارت بالحجاب) وقوله:(وبينهما حجاب وعلى الأعراف رجال) وقوله :(وإذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجابا مستورا ) وقوله: ( فاتخذت من دونهم حجابا فأرسلنا إليها روحنا) وقوله :( وفي اذاننا وقر ومن بيننا وبينك حجاب) وقوله:(وإذا سألتموهن متاعاً فاسألوهن من وراء حجاب ). الحجاب أدب خاص بنساء النبي صلى الله عليه وسلم في تعاملهن مع الرجال داخل البيوت. أما الستر الكامل للبدن مع الوجه عند خروجهن للحاجة فإنه بديل مؤقّت عن الاحتجاب ولا يسمى (حجابا). فالحجاب في هذه الآيات يعني الحاجز بين شيئين حتى لا يرى أحدهما الآخر , ولا يعني اللباس الذي تلبسه المرأة , لأن اللباس ولو ستر جميع بدن المرأة حتى وجهها لن يمنع المرأة أن ترى الناس من حولها , ولن يمنع الناس أن يروا شخص المرأة. فالحجاب الوارد في قوله تعالي: (فاسألوهن من وراء حجاب) هو الستر الذي يكون في البيت يرخي ليفصل بين مكان الرجال ومكان المرأة من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم. ثالثا: مخالفته لمعنى الحجاب الوارد في السنة فعن عائشة قالت : جاء عمي من الرضاعة فاستأذن علي فأبيت أن آذن له حتى أسأل رسول الله... وذلك بعد أن ضُرب علينا الحجاب , وفي رواية مسلم : استأذن عليها فحجبته فأخبرت رسول الله فقال لها : لا تحتجبي منه. وعن أنس قال : لما تزوج رسول الله زينب بنت جحش دعا القوم فطعموا ثم جلسوا يتحدثون... فانطلقت فجئت فأخبرت النبي صلى الله عليه وسلم أنهم قد انطلقوا فجاء حتى دخل فذهبت أدخل فألقى الحجاب بيني وبينه فأنزل الله : ( يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي ) , وزاد مسلم في روايته : وحُجبن نساء النبي صلى الله عليه وسلم. رابعا: اختلاف النتائج المترتبة على كل من (الحجاب) و(اللباس) فالحجاب المأمور به في قوله تعالى : (فاسألوهن من وراء حجاب) يمنع رؤية الرجال لأي من زوجات النبي صلى الله عليه وسلم وفي الوقت نفسه يمنع رؤيتهن للرجال ؛ أما كونه وصفا للباس فلا يمنع ذلك ولذلك عقبه تعالى بقوله :( ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن) فطهارة القلوب بالنسبة للرجال بسبب أنهم لا يرون أمهات المؤمنين , كما أن أمهات المؤمنين لا يرين الرجال , فيصبحْن غير مُتصورات إلا بعنوان الأمومة بعد حظر زواجهن من بعده صلى الله عليه وسلم. قال الألباني رحمه الله: وقد بدا لي وأنا بصدد تحضير مادة «الرد المفحم» أن استبدل اسم الكتاب «حجاب المرأة المسلمة» ب «جلباب المرأة المسلمة» لما بينهما من الفرق في الدلالة والمعنى. خامسا: اختصاص نساء النبي صلى الله عليه وسلم (بالحجاب) دون عامة نساء المؤمنين فالحجاب أدب خاص بنساء النبي صلى الله عليه وسلم في تعاملهن مع الرجال داخل البيوت. أما الستر الكامل للبدن مع الوجه عند خروجهن للحاجة فإنه بديل مؤقّت عن الاحتجاب ولا يسمى (حجابا). قال بن قتيبة : ونحن نقول ان الله عز وجل أمر أزواج النبي صلى الله عليه وسلم بالاحتجاب إذ أمرنا أن لا نكلمهن إلا من وراء حجاب فقال : (وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب) وهذه خاصة لأزواج رسول الله كما خصصن بتحريم النكاح على جميع المسلمين. [email protected]