فور إعلان تنازل أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني عن الحكم لصالح نجله وولي عهده الشيخ تميم بن حمد بادرت القيادة السعودية ممثلة في خادم الحرمين الشريفين وولي عهده بالتهنئة والمباركة للقيادة الجديدة في إعلان يتضمن الدعم والمؤازرة من الأخت الكبرى في المنطقة لشقيقتها دولة قطر التي تأبى قوانين الجغرافيا والتاريخ إلا أن تؤكد وحدة النفوس والقلوب قبل دروب السياسة وما تحمله من متغيرات. والقيادة الجديدة في قطر هي بلا شك إعلان لمرحلة تاريخية جديدة لعدة محاور ذات حساسية يدركها العقلاء في منطقة الخليج وخارجها أولها وهو أمر محسوس وقد لا يكون مكتوباً هو مفاجأة القرار وما يحمله من نوعية في التوجه قياساً على التاريخ المتبع في المنطقة في عملية تداول الحكم والأب حمد الذي تولى السلطة عام 1995م تسلم مقاليد حكم دولة تتلمس طريقها نحو التنمية في معظم شؤون الحياة فما لبث الحال إلا أن تحول إلى كيان استحوذ قيادة سياسية واقتصادية ومالية اختلاف طرائق الوصول وتباين بعض المعطيات أمر حتمي في عالم السياسة يدركه بلا شك دهاة الرجال من أمثال حكام المملكة الذين سبقوا بالفضل وسيبقون قوة حقيقية وداعما من الطراز الممتاز للشيخ تميم الذي نتمنى جميعاً له أن يقود قطر إلى سدة فيها عز وخير وصلاح. وما يشبه الانفجار في حكم التمدد العمراني المتقن واستجلاب أشهر جامعات العالم فضلا عن الاشراقات العلمية والبحثية الحاضرة والمستقبلية لمؤسسة قطر لتزرع على أرض قطر كيانا غير الكيان ودولة ذات ثقل لا ينكره عاقل ولسنا في مجال الخوض في رضا الآخرين عن وسائل الوصول القطري لرمة الحدث والتي تكرر الحديث بها عن جملة من الازدواجيات في التعامل مع الولاياتالمتحدةالأمريكية واحزاب المنطقة ذات الحراك السياسي وكذلك ثورات الربيع العربي إذ أن للقيادة القطرية مبرراتها التي تركز على ثبات مواقفها الداعمة ضد الظلم خصوصاً فيما يتعلق بموقفها الأخير ضد حزب جنوب لبنان (اكراما للفظ الجلالة) وموقفه الآثم في سوريا، وفي المحصلة بلورت هذه التوجهات السياسية الجديدة للشيخ حمد خلال الثماني عشرة سنة الماضية ما يسمى بدولة قطر وما تمثله من ثقل عربي وإسلامي في تكامل مع دول الخليج، ورغم ما شاب العلاقات السعودية القطرية من توتر واضح في بدايات حكم الشيخ حمد إلا أن قدرته على التقارب مع المملكة والتي تزايدت إلى حد عودة العلاقات إلى سابق عهدها هو حكمة من قيادة الجارة الصغرى تجاه الجارة الكبرى ذات المواقف التي تتسم بثباتية تاريخية معلومة للجميع، أما المحور الثاني لأهمية القرار فهي الروح الجديدة لتسليم مقاليد القيادة إلى جيل الشباب وهو توجه تملأ أركانه الجرأة وتعلوه الحكمة وتثقل موازينه الثقة، ولا أعتقد أن الأمر يختص بدولة قطر وإن كان مستوى التغير في هذه المرة هو بحجم حاكم الدولة إلا أن هذا التوجه ملموس في بعض دول الجوار وأخص بالذكر المجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي وهو ما يقابله مجلس الوزراء على مستوى الدول الأخرى وهو مختص بشأن إدارة إمارة أبوظبي والتي تمثل الثقل الاقتصادي والجغرافي والسكاني لدولة الإمارات العربية المتحدة .. وأعضاؤه الذين كانت لي تجربة شخصية في التعامل المباشر معهم هم ثلة من الشباب الثلاثيني والأربعيني وقلة من الخمسينيين، أما المحور الثالث لهذا التوجه الجريء فهو إبراز واضح لمدى تماسك الداخل القطري الذي بارك فوراً هذا التوجه وكذلك التنسيق الحكيم مع الخارج لدعم الأمير الجديد والذي بدأت قطافه تتوالى بدءاً من خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين تباعاً إلى دول الجوار والدول الكبرى. إن استمرار الثقل القطري هو دعم حقيقي للأدوار الكبرى التي تمارسها المملكة في العالمين العربي والإسلامي بل والدولي على وجه العموم، أما اختلاف طرائق الوصول وتباين بعض المعطيات فهو أمر حتمي في عالم السياسة يدركه بلا شك دهاة الرجال من أمثال حكام المملكة الذين سبقوا بالفضل وسيبقون قوة حقيقية وداعما من الطراز الممتاز للشيخ تميم الذي نتمنى جميعاً له أن يقود قطر إلى سدة فيها عز وخير وصلاح.