بعض الأزمات لا يمكن للقلم والورق أن يصفها وكثير من المعاناة لا يمكن الشعور بها إلا حين الوقوف عليها ومشاهدتها أو المرور بها. استبشر الناس خيراً بنقل السكة الحديد وتغيير مسارها خارج النطاق العمراني في الأحساء وكان ذلك قراراً في محله ولو أنه تأخر كثيراً، في الوقت الذي يصل إلى مسامع الناس بين وقت وآخر أن المشروع قد رصدت ميزانيته، وتم التوقيع مع المؤسسة المنفذة التي يقال أنها بدأت العمل فعليا ً في مشروع نقل السكة، لكن الخبر الذي استبشر به الناس أصبح الآن محل امتعاضهم، إذ ترددت أنباء عن توقف المشروع أو تعثره هذا أمر يتداوله الناس في الأحساء هذه الأيام كثيراً وأسوأ من الخبر السابق أن المسار الجديد للسكة الحديد خارج النطاق العمراني في الأحساء حتى لو اكتمل لا يعني ذلك نقل السكة القديمة، بل ستظل في مكانها وربما تستخدم لقطار البضائع أو شيء من هذا القبيل، الأمر الذي دعا الناس في الأحساء إلى ترديد : يا ليل ما اطولك وكأنك يا أبا زيد ما غزيت. المعاناة اليومية التي يعيشها الناس مع السكة ازدادت بشكل مضاعف بعد مشاريع الطرق والكباري والأنفاق الجديدة التي تنفذها الأمانة في قلب الأحساء النابض بالحركة، والآن أصبح نابضاً بالازدحام والتحويلات. تخيلوا كيف لسيارة تحمل مريضا أو امرأة في حالة مخاض وولادة فيجد أمامه طابوراً طويلاً من السيارات يمتد كيلوات المترات وحاجزاً للسكة مقفلا لفترة تقارب نصف الساعة أو يزيد، ماذا لو أن حريقاً اشتعل في منطقة غرب السكة كيف ستصل سيارات الدفاع المدني إلى الموقع لم يعد الأمر غريبا أن ترى السيارات تمتد بامتداد البصر ، يقول لي أحد الأقارب: إنه انتظر في إشارة مرورية ما يقارب خمسا وأربعين دقيقة بسبب مرور القطار أمام أحد الطرق البديلة بين مدينتي الهفوف والمبرز ولكم أن تتخيلوا كيف سيكون حال المواطن ومزاجه خلال الانتظار في طابور طويل ما يقارب الساعة في هذه الأجواء الصيفية الشديدة الحرارة، وهذا الأمر يتكرر في جميع تقاطعات الطرق مع السكة الحديد داخل النطاق العمراني بلا استثناء. المصيبة الأعظم أن السكة الحديد تقسم الأحساء إلى نصفين شرقي وغربي في بدايتها وشمالي وجنوبي في امتدادها الآخر وتمثل حاجزاً خطيراً في الأوقات الحرجة والمواقف الطارئة، وسأضرب مثالاً واقعياً لمستوى خطورة بقاء الوضع على ما هو عليه. إن العديد من المستشفيات الرئيسة في الأحساء تقع في الجانب الغربي من السكة وهي مدينة الملك عبدالعزيز الطبية بالحرس الوطني ومستشفى أرامكو ومستشفى الولادة ومستشفى الأطفال ومستشفى الجبر للأنف والأذن والحنجرة وقريبا مستشفى الأمير سعود بن جلوي كل هذه المستشفيات تقع غرب السكة وتخيل لو أن هناك حالة طارئة وخطيرة قادمة من الشرق أو الجنوب وأراد سائق الإسعاف أو قائد السيارة إيصالها بأسرع وقت ممكن إلى المستشفى ومعلوم طبياً أن الثواني تكون فارقة بين الحياة والموت - والأعمار بيد الله سبحانه وتعالى - تخيلوا كيف لسيارة تحمل مريضا أو امرأة في حالة مخاض وولادة فيجد أمامه طابوراً طويلاً من السيارات يمتد كيلوات المترات وحاجزاً للسكة مقفلا لفترة تقارب نصف الساعة أو يزيد، ماذا لو أن حريقاً اشتعل في منطقة غرب السكة كيف ستصل سيارات الدفاع المدني إلى الموقع لإطفاء الحريق وإنقاذ أرواح الناس؟ ومن الأمثلة الواقعية الخطيرة لهذه المعاناة اليومية لبقاء السكة الحديد أحدثكم عن موقف شخصي، إذ إنني اتصلت قبل أشهر بالهلال الأحمر وكنت أتابع معهم وأطلب منهم سرعة الحضور وإذا بسائق سيارة إسعاف الهلال الأحمر يطلب مني العذر ويخبرني بأنه سيتأخر، لأنه علق في اختناق مروري بسبب إغلاق الحاجز بسبب مرور القطار. إننا في الأحساء أمام مشكلة حقيقية بالغة الخطورة وتسبب الأذى والمعاناة اليومية للناس بشكل لا يوصف، نتوجه لمعالي الرئيس العام للمؤسسة العامة للخطوط الحديدية، ولمعالي وزير النقل، ولأصحاب القرار لإيجاد الحل السريع للمواطنين في الأحساء الذين يعيشون أزمة يومية تؤرقهم كثيراً وتمثل لهم خطورة ومعاناة شديدة، وأياً كانت الأسباب أو المبررات لتعثر المشروع أو بقاء السكة القديمة في مكانها فذلك أمر لا يمكن قبوله فحياة الناس وأرواحهم أهم من أي عقبات إدارية أو مشكلات فنية أو أي اعتبارات أخرى. @waleed986