يبدو أن السوريين لا يواجهون فقط نيران الاسلحة الروسية الفتاكة ولا الهجمة الطائفية الحاقدة التي تشنها ميلشيات طهران، بما فيها نظام الأسد، إنما أيضاً يواجهون عجزاً واضحاً في أوساط معسكر الأسد عن أن يدركوا الحقائق الواضحة، ومحاولاتهم البئيسة لتغطية الشمس بمنخال، وتبريراتها السطحية للأحداث. يوم أمس قالت وزارة الخارجية الروسية، وهي الداعم الأساسي لمعسكر الأسد بالأسلحة الفتاكة التي تشوي أجساد السوريين وتدمر مدنهم، ان قرار مجموعة أصدقاء سوريا قبل أيام بتسليح الجيش الحر، إنما «يدفع باتجاه الحل العسكري المدمر».. والغريب هنا أن الخارجية الروسية تتحدث وكأن مواطني الدنيا ضريرون وصم بكم ينتظرون الخارجية الروسية أن تأتي لهم بالأنباء، ولا يشاهدون المذابح اليومية في سوريا على الهواء. وكأن صواريخ سكود والمقاتلات الحربية التي يستخدمها نظام الأسد منذ فترة طويلة ليست حلاً عسكرياً مدمراً، إلا إذا كانت موسكو ترى أن صواريخ سكود والمقاتلات الحربية التي كانت تدمر الأحياء والأموات في سوريا، تقوم بمهمات مفاوضات سلمية. الغريب أن الروس وأصدقاءهم الإيرانيين وميلشيات الأسد هم الذين قرروا الحل العسكري منذ صرخة الحرية الأولى في سوريا، وأمضى السوريون ستة أشهر كاملة يتلقون الرصاص الحاقد بصدورهم وأيديهم العزلى ومناشداتهم لموسكووطهران، وكانوا يحشرون في عربات المعتقلات ويشاهدون أبناءهم يقطعون أوصالاً ومع ذلك انتظروا حلاً سلمياً يأتي من قوة النفوذ الروسي على نظام الأسد. وبعد أن اكتشف السوريون أن الإيرانيين والروس يشجعون النظام على المزيد من سفك الدماء وعلى أن يستمر العدوان العسكري والحل الوحشي إلى النهاية. وشاهدوا الروس يمدون النظام وميلشيات طهران بكل ما يحتاجه من أدوات الموت والدمار والقتل. وارتكبت ميلشيات النظام والميلشيات الإيرانية مذابح وجرائم مروعة ودنيئة، بما في ذلك تشويه القتلى والتمثيل بأجسادهم وقتل الأطفال واغتصاب النساء، وكان ذلك يتم أمام بصر موسكو وسمعها وتشجيعها ايضاً. هنا وجد الملايين من السوريين أن من واجبهم ألا يموتوا خرافاً، فرفعوا السلاح دفاعاً عن أنفسهم وأعراضهم وأطفالهم، ومن أجل استقلال بلادهم بعد أن تبين لهم بوضوح أن نظام الأسد ليس إلا وكيلاً لطهران ومطية لاستعمار سوريا واخضاعها للمصالح الإيرانية، واستمرارها مركزاً للمؤامرات الطائفية والعرقية الحاقدة ضد الوطن العربي، تحت شعار المقاومة الخداع المضلل. وتبين لاحقاً بما لا يقبل أي مجال للشك، أن شعار المقاومة لم يكن إلا تخديراً، وغطاء للمؤامرات الإيرانية ضد العرب والعروبة. والدليل أن المقاومين الآن يتحمسون لتدمير المدن السورية وقتل السوريين أكثر مما يفكرون بأي مواجهة مع إسرائيل. بل انهم يحيون الاحتفالات البهيجة حينما يقتلون السوريين أكثر ما احتفلوا بأي قتيل إسرائيلي.