أعلم أن رواتب الموظفين خلال الشهرين القادمين تتعرض لإذابة كإذابة الدهون وفصلها عن الجلد.. وكإذابة قوالب الثلج في هذه الصيفية القائظة، يستبشر الكثيرون ويستشهدون بأعداد الزاحفين إلى الدول المجاورة رغم الأوضاع الطقسية المشابهة، على أن السعوديين بخير وأنهم يعيشون أحوالاً اقتصادية مزدهرة وأن شكاواهم طوال العام من تدني مستوى الخدمات أو انخفاض المستوى المعيشي بالمقارنة مع ارتفاع مطّرد في الأسعار، والغلاء الفاحش الذي طال كل شئ حتى شركات نقل الأثاث التي لا تقدّم أي خدمة سوى تكسير عفشك.. إنما هي ثرثرة تطير أدراج الرياح مع إقلاع أول طائرة مغادرة للأراضي السعودية.. كل شكاوى السعوديين لا أساس لها من الصحة إذا ما شوهد المساكين يسرقون بعض النزهة والترفيه في إحدى الدول خارج المملكة، والحقيقة أنهم سيدفعون ثمن انبساطهم عند العودة بتسديد الديون واقتطاع نسب القروض التي صرفوها أثناء الإجازة، ثم استعداداً لرمضان ومتطلبات العيد، ثم احتياجات العودة للمدارس و»الذي منه»! كل شكاوى السعوديين لا أساس لها من الصحة إذا ما شوهد المساكين يسرقون بعض النزهة والترفيه في إحدى الدول خارج المملكة، والحقيقة أنهم سيدفعون ثمن انبساطهم عند العودة بتسديد الديون واقتطاع نسب القروض التي صرفوها أثناء الإجازة، ثم استعداداً لرمضان ومتطلبات العيد، ثم احتياجات العودة للمدارس و»الذي منه»! اعذروني على تذكيركم بما ينتظركم لكن فقط لأؤكد على أن اللحظة الجميلة التي يعيشها أحد أفراد هذا الشعب خارج الوطن لها قيمة ثمينة جداً فعليه الاستمتاع بها حتى النهاية.. وبين فتوى تحريم السفر إلى دبي إلى فتوى منع افتتاح دور عرض أفلام بداخل البلد، مروراً بما يعانيه المواطن المسكين من خدمة حكومية رديئة أو بطيئة أو مربوطة بمقابل لا حق فيه.. يجد نفسه مضطراً على الإذعان لفكرة دفع ضريبة رمزية لقاء رفع مستوى الخدمة، ولم لا إذا كانت – وهذا هو الأهم - ستكفل له الحق الكامل في المطالبة بإقالة مسؤول ومحاسبة مقصّر! لم لا إذا كان لكل شئ ضريبة حتى الفرح واللحظة الجميلة.. أصدر الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند في مطلع عام 2013 قانون فرض الضريبة بنسبة 75% على الأشخاص الذين يزيد دخلهم على مليون يورو سنوياً في بداية عام 2013. كما أعلنت الحكومة فرض نسبة الضرائب من الأرباح الفائقة على لاعبي كرة القدم على الرغم من آمال الأندية بالإعفاء! إذا كان على أغنياء فرنسا دفع ضريبة أعلى من غيرهم مساهمة منهم في سد عجز ميزانية الدولة، فإننا سنسدّ «عجوزات» متنوعة بدفعنا للضريبة.. منها عجز مصداقية، عجز أمانة، ٫ الميزانية لا غبار عليها في أحضان بلدنا الكريم، لكن دفع ضريبة مقابل ترصيف شارع محترم.. وعملية ختان ناجحة! ومقابل مياه نظيفة وكهرباء لا تنقطع في عز لهيب الصيف لا بأس طالما أنها ستخوّل لكل مواطن التمتع بميّزات المعاملة الحسنة وتطبيق شعار «رضا العميل هو هدفنا» أسوة بالقطاع الخاص الذي لا أشك مطلقاً أنه سيقفز إلى مستوى المنافسة مع الحكومي لجذب أكبر عدد من العملاء.. ما دام وضع نظام ضرائب رمزية سيشرّع لعادة نزيهة ونبيلة مفقودة لدينا ونتمنى أحدهم أن يضرب المثل ويكون له السبق في سنّها، وهي عادة استقالة مسؤول شعوراً منه بالتقصير واعترافاً بالذنب وتنحيًا عن مواصلة الفساد.. فلا بأس.. ما دامت الضريبة قد تبقي على شئ من الراتب وتحافظ عليه من الذوبان كما يبرز رأس الجبل الجليدي صامداً بوسط المحيط فلا بأس.. كيف؟ مثال بسيط: بدلاً من تصليح سيارتك كل سنة مرة على الأقل وشراء قطع غيار «نص عمر» على حسابك وأنت المستفيد وحدك، صلّح الشارع المكسور والبيارة المفتوحة ويستفيد الجميع.. سيتعذر البعض بنظام جباية الزكاة من المؤسسات الاستثمارية والتجارية على الرغم من التساؤلات حول صحة أرقام مصلحة الزكاة والدخل المنخفضة نظير ما تجنيه هذه المؤسسات من ربح، كما أننا لا ندري مآل هذه الأموال المجني منها والمكنوز في ظل عدم وصولها لمستحقيها وعدم تحقيق أي خدمات بمستوى مواز أو أقل لما يتمتع به من ينتمون للطبقة الوسطى، أقولها كارهة لكن «من اضطر غير باغٍ فلا إثم عليه» الحل في فرض نظام ضرائب يزيح عن كاهل المواطن المسكين الشعور بمِنة جهة خدمية معينة، وفضل جهة أخرى.. تويتر: @Rehabzaid