أثناء رئاسته جلسة مجلس الوزراء أمس حذر خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز من عواقب المغامرات التي ترتكبها بعض الدول وتدخلها في الشؤون الداخلية للآخرين مما يزيد حدة التوتر وعدم الاستقرار في المنطقة. وينطلق خادم الحرمين الشريفين من مبادئ السياسة الخارجية للمملكة التي تلتزم بالامتناع المتشدد عن التدخل في الشئون الداخلية للبلدان الأخرى، مثلما ترفض تدخل الآخرين في شئونها الداخلية، لهذا السبب لا يذكر تاريخ العلاقات الخارجية السعودية أن المملكة تآمرت على أي بلد. وكانت تقابل إساءات ومؤامرات كثير من الأنظمة المعادية للمملكة بصبر وحكمة وتبصر. ويسجل التاريخ أن المملكة كشفت شبكات تجسس عديدة للتآمر على المملكة، ومع ذلك لم تسجل الأطراف الأخرى حادثة واحدة تتهم المملكة بالتآمر على سيادتها الوطنية. والتزام المملكة بعدم التدخل في شئون الدول الأخرى لا يمنع المملكة من دعم الشعوب العربية والإسلامية التي تواجه محن الإلغاء والتهميش والقمع والتآمر الدولي والحرب الوحشية مثلما يحدث في سوريا حالياً. إذ سارعت المملكة لدعم الشعب السوري الأعزل ضد نظام الأسد الذي يتآمر على شعبه مع قوى خارجية معادية لسوريا، وينفذ حرب تطهير عرقي وحشية وتدميراً ممنهجاً للمدن السورية الحرة التي تكافح من أجل كرامة وسيادة واستقلال سوريا. ونشهد مآسي مغامرات التدخل الخارجي الدولي وعواقبها، في سوريا التي تحولت إلى ساحة حرب دامية، بسبب تدخل إيران وروسيا في الشئون الداخلية السورية، ومساندتهما لنظام الأسد في حملته الوحشية ضد السوريين، وربما منعت النظام من إبداء أية رحمة أو حوار مع المعارضة والأغلبية السورية الثائرة. إذ أسفر التدخل الإيراني الروسي في الأزمة السورية عن مأساة ونكبة تاريخية، وذبح ممنهج لشعب أعزل. بينما كان يمكن أن تحل الأزمة بين السوريين بمفاوضات وسلام لو لم تتدخل طهرانوموسكو وتساندان الحل العسكري وتغلقان أبواب الحوار والمفاوضات الجادة للوصول إلى حلول سلمية. وأسفر هذا التدخل عن سلوكيات متهورة مثل إعلان حزب الله الحرب الطائفية، وجعل القتل والذبح على الهوية هو المبدأ السائد في علاقات الأزمة السورية. ولا يوجد أي حل إذا لم تعد طهرانوموسكو إلى معالجة الأزمة السورية بعقل حكيم ومتجرد لا يعميه التطرف الأيديولوجي ولا الانحياز إلى المصالح، عن رؤية الحقيقة الناصعة التي لا تستطيع تغطيتها صواريخ موسكو ولا ميلشيات طهران، وهي أن نظام الأسد لم يعد يملك أية شرعية أخلاقية وسياسية لحكم سوريا منذ أن قتلت ميلشياته وبأوامره الألف الأول من السوريين، فكيف وقد وصل قتلى النظام وزبانيته نحو 120 ألف ضحية، ونصف مليون بين جريح ومعتقل ومفقود، وملايين المشردين، ومدن كاملة جرى تهديمها وتسويتها بالأرض، بصواريخ الاسد وطائراته ودباباته، بتمويل وتشجيع وتأييد وتحريض من موسكووطهران. والحل الأمثل الرشيد لوقف المأساة السورية يتطلب أن تتوقف طهرانوموسكو عن سلوكياتهما المتهورة بدعم نظام ارتكب جرائم بحق شعبه أكثر وأفظع مما ارتكب الأعداء في تاريخ سوريا. وتأليف حكومة انتقالية تستجيب لطموحات الشعب السوري للحرية والكرامة والاستقلال الوطني.