دخلت الثورة السورية أمس شهرها السادس عشر، وتصاعد عنف نظام الأسد في مواجهة الشعب، مع عجز المجتمع الدولي حتى الآن عن اتخاذ موقف يجبره على وقف القتل. كل ما صدر من تصريحات عن مسؤولين غربيين كانت لها آثار مطمئنة للأسد، فهم منها أن لا أحد يريد التدخل في سوريا، ويبدو أنه فَهِمَ أيضاً أن هذه التصريحات تمنحه الحرية لارتكاب مزيد من القتل، وأن سقف المجتمع الدولي هو التمسك بخطة عنان. وبالفعل فمنذ بدء تنفيذ خطة عنان ازداد عنف الأسد وارتكب شبيحته مجازر مروعة سيكون لها آثار بالغة الخطورة على مستقبل سوريا ومستقبل التعايش ليس في سوريا فقط بل في المنطقة عموما، بعد مجزرة الحولة التي استخدم فيها شبيحة الأسد السكاكين أمام العالم ومراقبي الأممالمتحدة، وارتكب مجزرة القبير، ومن الواضح أن عجز المجتمع الدولي عن اتخاذ خطوات جدية تجاه الأسد ونظامه شجعه على ارتكاب المزيد. ولم تكن مجزرتا أمس اللتان ارتكبهما شبيحته في ريف دمشق وقتلهم المزارعين ذبحا بالسكاكين وإطلاق قذائف الهاون على مظاهرة في درعا، سوى إمعان في القتل ودليل على أن الأسد ماضٍ حتى النهاية في نهجه، وأن أي حل سياسي لا يمكن تمريره وأنه على المجتمع الدولي أن يذعن أمام التحالف الجديد الذي تتزعمه موسكو وطهران، وأن أي حل لن يكون مقبولاً إلا إذا كان عبر هذه العواصم، وقد شكلت موسكو الحماية والغطاء السياسي للأسد منذ بداية الثورة السورية. وسيثير القتل والمجازر التي يرتكبها الأسد في سوريا ردود فعل قد تؤدي إلى حرب أهلية ليصبح الأسد أحد أمراء الحرب الجدد فيها. لقد هدد الأسد منذ بداية الأزمة السورية أنه سيشعل المنطقة إذا تدخل المجتمع الدولي، والمجتمع الدولي لم يتدخل وأصبح الأسد في مأزق لأنه لم يستطع القضاء على الثورة، ولم يعد لديه الآن سوى العمل على بث الفوضى وعدم الاستقرار في المنطقة وهذا ما تسعى إيران إليه عبر عملائها ووكلائها في أكثر من منطقة عربية في إطار تسليح جماعات مواليه لها. أدار الأسد الأب حربا أهلية في لبنان لخمس عشرة سنة، والآن يفكر الأسد في أنه الأقدر على أن يكون أميرا لحربٍ أهلية وطائفية جديدة في المنطقة، طالما بقيت موسكو وطهران إلى جانبه.