دعا أمين عام الجامعة العربية نبيل العربي، ورئيس الوزراء القطري ورئيس اللجنة العربية المعنية بالأزمة السورية الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني، مجلس الأمن الدولي، إلى تبني المبادرة العربية لحل الأزمة السورية، في تحرُّك وصفته سوريا بأنه التفافٌ على نجاح مهمة المراقبين، فيما أكّدت روسيا رفضها أي قرار أممي يتضمن فقرات تؤجّج الصراع وتبرّر التدخل الأجنبي بسوريا، وبدورها نفت أمريكا تكرار سيناريو ليبيا في سوريا. وكان مجلس الأمن الدولي قد عقد جلسة، أمس الثلاثاء، بحث خلالها الأوضاع في سوريا في إطار دراسة مشروع قرار غربي - عربي يدعو الرئيس بشار الأسد، إلى تسليم سلطاتِه إلى نائبه وتشكيل حكومة وحدة وطنية تقود إلى انتخابات شفافة.
وأكد رئيس اللجنة العربية المعنية بالأزمة السورية ورئيس الوزراء القطري، أن القمع في سوريا بلغ حدوداً لا يمكن تصوّرها، وأن آلة القتل الحكومية في سوريا لا تزال تعمل بكل فاعلية، لافتاً إلى أن القوات السورية ترتكب انتهاكات ممنهجة قد ترتقي لمستوى جرائم ضدّ الإنسانية.
وطالب مجلس الأمن الدولي بتحمُّل مسؤولياته بموجب ميثاق الأممالمتحدة لمواجهة "المأساة الإنسانية" في سوريا، ودعاه لإصدار قرارٍ واضحٍ يدعم المبادرة العربية.
وأضاف: "إننا لا نطالبكم بتدخل عسكري، ولكن نريد ضغطاً اقتصادياً ملموساً لعل النظام السوري يدرك أن لا مفر هناك من تلبية مطالب شعبه، كما أننا لا نهدف إلى تغيير النظام لأن هذا شأن يعود إلى الشعب السوري".
وأشار الشيخ حمد إلى الجهود التي بذلتها الجامعة العربية لتسوية الأزمة في سوريا على أمل أن يتحلى النظام السوري بالحكمة ويدرك بأن منهجه في إدارة الحكم لم يعد منسجماً مع منطق العصر. وتابع: "إننا نطالب المجلس باعتماد مشروع القرار الذي تقدمت به المملكة المغربية، وبخلاف ذلك نكون قد أرسلنا رسالة خاطئة إلى النظام السوري تشجعه على التمادي في قمع شعبه، وهو أمرٌ يقود إلى عواقب وخيمة على السلم والأمن والاستقرار في سوريا والمنطقة بأسرها".
وفي هذا الإطار، أكد الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي، في إحاطته، أن الجامعة العربية تطلب الدعم فقط من مجلس الأمن للخطة العربية وتحقيق تطلعات الشعب السوري، مؤكداً أن الأزمة السورية يجب أن تعالج في الإطار العربي بعيداً عن التدخل الأجنبي وبالذات العسكري.
وبرّر العربي قرار الجامعة الأخير بوقف عمل بعثة المراقبين العرب في سوريا قائلاً، إن السبب الرئيس يعود إلى التدهور الأمني الأخير الذي شهدته البلاد، وبعد أن لجأت الحكومة السورية للقول علنا إنها تلجأ إلى الخيار الأمني ما أدّى إلى انسحاب بعض المراقبين إلى حين عرض الأمر على مجلس الجامعة العربية عند انعقاده.
وكانت الجامعة العربية قد قررت تعليق مهام بعثة مراقبيها إلى سوريا بسبب تصاعد العنف هناك في 28 يناير الجاري.
من جانبه، قال مندوب سوريا في الأممالمتحدة بشار الجعفري إن "لجوء الجامعة العربية إلى مجلس الأمن للاستقواء على سوريا يخدم مخططات تدميرها"، مشيرا إلى أن "السوريين يرفضون التدخل الخارجي وسيادة بلدهم عندهم خط أحمر".
وتابع: "نرفض أي قرار خارج إطار خطة العمل العربي ونعتبر المبادرة الأخيرة انتهاكاً للسيادة الوطنية وقرار الجامعة العربية اللجوء إلى مجلس الأمن التفافٌ على نجاح مهمة المراقبين العرب".
وأوضح المندوب السوري لدى الأممالمتحدة، أن القرار الذي صدر عن اجتماع مجلس الجامعة الأخير يعد تدخلاً سافراً في شؤونها الداخلية، وخرقاً للأهداف التي أُنشئت من أجلها الجامعة العربية.
وفي سياق جهودها لإنهاء الأزمة السورية طرحت جامعة الدول العربية أخيراً مبادرة تتضمن دعوة الرئيس الأسد، إلى التخلي عن السلطة، وتسليم صلاحياته لنائبه، وتشكيل حكومة وحدة وطنية خلال ثلاث أشهر، في دعوة قالت دمشق إنها تأتي ضمن "مؤامرة خارجية" ضد سوريا.
وعلى صعيد مواز، شدّد سفير روسيا لدى الأممالمتحدة، فيتالي تشوركين على أن بلاده ترفض أي قرار أممي يتضمن عقوبات اقتصادية أو فقرات تؤجّج الصراع، وتبرّر التدخل الأجنبي في سوريا.
وجدّد تشوركين الدعوة لممثلي المعارضة والحكومة للحوار في موسكو دون شروط مسبقة، وأن ذلك يفضي إلى تسوية سلمية.
وانتقد ضمنيا قرار العقوبات الاقتصادية العربية، قائلاً: "العقوبات الاقتصادية لم تكن إيجابية، وتعطي آثاراً سلبية" وعبر عن قلق بلاده جراء توقف عمل المراقبين العرب، كما لفت إلى وجود عناصر مسلحة في سورية تقتل المدنيين وقوات الأمن.
وبدورها، قالت وزيرة الخارجية الأميركية، هيلاري كلينتون، التي شاركت في جلسة مجلس الأمن بجانب نظيريها البريطاني، ويليام هيغ، والفرنسي، آلان جوبيه، إن "ما يقوم به الأسد قد يؤدي إلى حرب أهلية في سوريا، كما أن النظام السوري لم يحترم تعهداته ولا مهمة المراقبين ويستخدم العنف المفرط ضد المواطنين".
وأضافت: أن "الجامعة العربية لجأت إلى مجلس الأمن لأنها تسعى لدعم دولي لحل سلمي للأزمة في سوريا، وأنه يتعين على الحكومة السورية أن توقف العنف فورا وتعيد الجيش إلى ثكناته وتطلق سراح المعتقلين".
واستطرد في إحاطتها أمام المجلس: "بعض الأعضاء يشعرون بالقلق من تكرار سيناريو ليبيا وهذا تشبيه خاطئ تماما".
وأكدت وزيرة الخارجية الأميركية أن التغيير آت إلى سوريا، وقالت إنه على الرغم من التكتيكات الوحشية فإن حكم نظام الأسد سينتهي. ويتوافق تصريح كلينتون مع توقعات قادة الاستخبارات الأمريكية من أن سقوط الرئيس السوري بات مسألة وقت فقط، مع احتمال أن يستغرق ذلك المزيد من الزمن بسبب طبيعة المعارضة "المتشتتة".