مع نهاية كل موسم واستعدادا للموسم الجديد تنفق أندية النخبة السعودية ملايين الدولارات خلال فترة الانتقالات الصيفية بهدف تعزيز صفوفها بلاعبين أجانب يصنعون الفارق ويقدمون الإضافة المطلوبة ، ولكن بعد انطلاقة المنافسات الرسمية تسقط ورقة التوت عن جلِّ تلك التعاقدات وتنكشف حقيقة الصفقات الوهمية التي استنزفت أموالا طائلة دون أن تترك أثرا فنيا بل أثقلت كاهل الأندية بالديون وقادتها لحافة الإفلاس .. وهذه المشكلة الشائكة التي أرهقت ميزانيات الأندية يتحملها برمّتها القائمون عليها ، فمعظم المسيرين في الأندية نظرتهم الفنية قاصرة وبالتالي نجِد بعضهم يلجأ للسماسرة والبعض الآخر نجده يُبرم الصفقات دون استشارة فنية سواء حول احتياجات الفريق أو حول إمكانات اللاعبين الذين سيتم التعاقد معهم ومدى إمكانية نجاحهم ، ونتيجة تلك التخبطات الإدارية نجد كل فريق يستقطب مابين ستة إلى ثمانية لاعبين في الموسم الواحد .. سعد الحارثي لا يمكن إنكار موهبته كمهاجم يُصنف من طينة الكبار ولكن لولا الاهتمام اللامحدود الذي حظي به من إدارات النادي المتعاقبة والدعم الذي تفرّد به عن غيره من قِبل الجماهير النصراوية لما نال من الشهرة والأضواء والنجومية ما نال وعلاوة على ماسبق فإن إدارات الأندية تركز في تعاقداتها على الكم لا الكيف ، فبدلاً من جلب لاعب ذي قيمة فنية عالية ولديه القدرة على إفادة الفريق بالشكل المطلوب ، نجِدها تُصِر على جلب أربعة لاعبين وجودهم ليس كعدمِهم فحسب بل أدهى من ذلك وأمر ، كون خسارة الفريق في هذه الحالة تكون مزدوجة ، فهو يخسر ماديا وفنيا ويُنهي طموح لاعبين شباب يتحيّنون الفرصة للمشاركة والكشف عن مواهبهم وإثبات وجودهم .. وبما أننا الآن نعيش في خِضم الانتقالات الصيفية فإن إدارات الأندية مطالَبةٌ بتغيير سياستها التعاقدية والاستفادة من الدروس السابقة وعدم الوقوع في نفس الأخطاء .. فالانتدابات المقبلة يجب أن تكون في المستوى ووفق التطلعات لكي تسهم في رفع مستوى الأندية والدوري بصفة عامة .. فالأسماء الرنانة ليست مهمة بقدر ما ستقدمه من أداء فني داخل المستطيل الأخضر ، ففي السنوات الماضية حضرت أسماء معروفة وفشِلت وحضرت أسماء مغمورة ونجحت .. صواريخ .. أرض .. جو قبل سنوات كان القادسية يتربع على عرش القارة الآسيوية وينافس في دوري الأضواء والشهرة ولكنه بعد ذلك فرّط في عدد كبير من اللاعبين المميزين بدءًا بحسين الصادق مروراً بسعود كريري وسعيد الودعاني وعبدالملك الخيبري وياسر القحطاني ومحمد السهلاوي ويوسف السالم وفهد الدوسري وأخيرا ياسر الشهراني ، ونتيجة هذا التفريط غاب الفريق عن المنافسة وخَفَتَ بريقه قبل أن يسقط لدوري المظاليم .. وهذا السيناريو يبدو أنه سيتكرر مع قطب الشرقية الآخر ( الاتفاق ) الذي بدأ يسير في نفس الاتجاه، حيث تخلّى مع نهاية هذا الموسم عن أربع ركائز أساسية بدءًا بيوسف السالم مرورا بيحيى الشهري وعبدالله الحافظ وأخيرا فايز السبيعي . ولكن هل ستغلق إدارة الدوسري الباب وتحافظ على ما تبقى من نجوم أم ستُكمل مسلسل التفريط في قادم الأيام ؟ .. سعد الحارثي لا يمكن إنكار موهبته كمهاجم يُصنف من طينة الكبار ولكن لولا الاهتمام اللامحدود الذي حظي به من إدارات النادي المتعاقبة والدعم الذي تفرّد به عن غيره من قِبل الجماهير النصراوية لما نال من الشهرة والأضواء والنجومية ما نال .. ورغم ذلك ترك ناديه قبل ثلاثة مواسم بمحض إرادته واتجه للمنافس الأزلي الهلال وليته اكتفى بذلك ، بل زاد ( الطين بِلّه ) عندما وصف بيئة ناديه الذي تربى ونشأ في أروقته بالطاردة .. كل ما أتمناه من سعد الحارثي الذي بات بقاؤه في الهلال مسألة وقت، أن يتحلّى بالشجاعة ويكون صادقا مع نفسه ويصف لنا بيئة ناديه الهلال عندما يوقع لأحد الأندية الصغيرة في قادم الأيام ...