يعرف الغالبية منَّا الشخصية الدولية، رئيس دبلوماسية العالم أمين عام هيئة الأممالمتحدة السيد بان كي مون، هذا الرجل يستحق التهنئة بحق لأنه وعلى المستوى الشخصي وبعد ثمانية وستين عاما من العمر المديد يحصل على الحزام الأسود الشرفي من الدرجة العاشرة في فنون القتال الكورية. بان كي مون هو الأمين العام الثامن في تاريخ المنظمة الدولية وهو في منصبه هذا منذ مطلع العام 2007م وجرت أحاديث كثيرة حينها عن أن بان القوي قادم لهذه المنظمة لقيادة حملة لإصلاح المنظمة، الإصلاح في المنظمة الدولية يفهم من شقين، الأول: الشق الجوهري المتعلق بالميثاق والآليات، والآخر: الشق الإداري والمالي المتعلق بالفساد والهدر لموارد المنظمة التي تأتي من مساهمات الدول الأعضاء، وبعد هذه الأعوام الستة التي قضاها السيد بان أمينا عاماً للأمم المتحدة تلقت المنظمة - كما تلقى الأمين نفسه - الكثير من بان كي مون بقيت له سنوات أربع في ترؤس هذه المنظمة، ولا يعتقد أنه سيكون أفضل من غيره ممن سبقوه مهما حقق من أحزمة. أما المنظمة الدولية المترهلة فالآمال في إصلاحها تتضاءل مع بروز أزمة أو صراع جديد مما يشهده العالم كل يوم. الانتقادات لعدم تحقق إصلاحات ملموسة ضمن ملفات العمل المطروحة على طاولة اجتماعات المنظمة التي لا تنتهي، وكان من الردود الطريفة التي فَندت إدعاءات التقصير أن السيد بان يتبع سياسية هادئة في الإصلاح! ومما يعرف عن شخصية السيد الأمين والشخصية الكورية في الإجمال أنها شخصية غير مبذرة، حتى أنه يحكي عنه أن الزوج حينما كان وزيرا للخارجية في بلاده كوريا الجنوبية، بطريقة مختصرة تكاد تكون سرية، وبأقل النفقات، وفعل نفس الشيء في حفل زفاف ابنه في نيويورك بعد أن أصبح أميناً عاماً للمنظمة، حتى قيل: إن من حضروا مراسم حفل الزفاف لم يتجاوزوا المائة والخمسين مدعواً، وفي الحالتين من المؤكد أن هناك سعياً لتقليص النفقات والتخفيف من المصروفات والتبذير. ما أسعد سكان المعمورة بهذا الأمين العام، وما أكبر خيبتهم في المنظمة التي يديرها، هيئة الأممالمتحدة التي اتفق العالم منذ سنوات طويلة على أن تحل محل عصبة الأمم التي قيل حينها: إنها لم تتمكن من تجنيب العالم الحربين العلميتين الأولى والثانية، فأقام المجتمع الدولي هذه الهيئة العتيدة لتمنع الحرب الكونية الثالثة في هذا العالم، ولتحقق لكوكبنا الأمن والسلم الدوليين. هذه كانت طموحات المؤسسين، وأظن أنها ستبقى أحلاما للأحفاد، لأن العالم يمتلئ بالحروب والنزاعات، وتختل فيه معايير العدالة الدولية والإنسانية بشكل مروع، وبصورة مطردة مع الأسف. خبر حصول السيد الأمين با كي مون على هذا الحزام المميز لم يخلُ من الطرافة، حيث ذكر القائم على اتحاد هذه الرياضة إن مناسبة الإهداء تأتي لتشابه الأهداف بين هذا الاتحاد والمنظمة التي يرأس أمانتها السيد بان كي مون، من حيث الفلسفة العامة لأهداف الطرفين التي تقول: إن القوة وتحقيق المزيد منها أحد السبل لتحقيق السلام والأمن في العالم، وقد يصدق بصورة أو بأخرى هذا القول فيما يتعلق برياضة الدفاع عن النفس، لكن في الحقيقة المعاشة لسلوك وقرارات المنظمة الدولية فان هذا الشعار أبعد ما يكون عما تقوم به المنظمة الدولية المعنية بتحقيق أبرز هدفين في هذا الكون وهما السلم والأمن الدوليان، حيث أصبح لديها قرارات تشرع لشن الحروب! وهذه المنظمة وقفت عاجزة عن تلمس مشاكل دولية مزمنة مثل المشكلة الفلسطينية، وغيرها من القضايا. لم يعد مقبولاً - بأي حال من الأحوال - أن يكون هناك احتلال، وحصار ونهب أراض وتجويع شعوب والمنظمة تقف عاجزة حتى عن إدارة سلام ناجح بين هذه الأطراف. شعوب العالم الثالث لم يعد لديهم مصداقية كبيرة لعمل هذه المنظمة، ولا يستغرب إذا أصبحت توصف الأممالمتحدة بأنها تخدم أهداف أطراف معينة، وعدا قليلا وغنيا من البشر، وأن هذه المجموعة من البشر إذا لم تناسبها قرارات الأممالمتحدة تجاوزتها بسلاحها ونفوذها وجبروتها. بان كي مون بقيت له سنوات أربع في ترؤس هذه المنظمة، ولا يعتقد أنه سيكون أفضل من غيره ممن سبقوه مهما حقق من أحزمة. أما المنظمة الدولية المترهلة فالآمال في إصلاحها تتضاءل مع بروز أزمة أو صراع جديد مما يشهده العالم كل يوم. تويتر: @salemalyami