(ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون متاع قليل ولهم عذاب أليم) في الآية نهي عن حالة تشبه بعض ما يعانيه المسلمون اليوم من بعض أفراد وجماعات يتمثل خللهم في أمور : الأول: تبديل الدين بدعوى التدين افتراء على الله بإطلاق الحل والحرمة على ما ليس كذلك. الثاني: وقوع ذلك بقصد .. طمعا في المتاع الزائل ، ولذلك وصف بأنه كلام صادر عن الألسن لا عن قلوب تتعقل وتفهم. الثالث: ان وقوع ذلك دال على ضيق الأفق وضعف حقيقة الإيمان. لا شيء أضر بالدين من التحليل والتحريم بالهوى بقصد التطهر والتطهير وبلوغ ذروة الطاعة ، والهرب من شر المعصية يحدث الابتداع في الدين انقساما بين المسلمين ، فالمتشددون أضر من المتساهلين لأن الناس يحسنون الظن بهم ، وهم حين يتمكنون يسيئون للمعتدلين القائمين على حدود الشرع باتهامهم بالتساهل ومجاملة الوجهاء والعامة. ان هذا النهي يتضمن التحذير من التساهل بالتحليل والتحريم أو المبالغة فيه لما فيه من ضرر بالفرد والأمة المسلمة وعلاقاتها بالعالم. إلا أن التشدد أكثر جذبا لاعتقاد الكثير أنهم يكونون أقرب إلى الله بذلك ، وأطهر وأقوى إيماناً كمن أراد صيام الدهر ومن أراد قيام الليل كله ومن أراد ترك أكل اللحم ومن أراد ترك النكاح فنهوا عن ذلك لما فيه من رغبة عن السنة قال تعالى: (قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا) . لقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إن الدين يسر، ولن يشاد الدين أحدا إلا غلبه، فسددوا وقاربوا وأبشروا، واستعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة). ولا شيء أضر بالدين من التحليل والتحريم بالهوى بقصد التطهر والتطهير وبلوغ ذروة الطاعة ، والهرب من شر المعصية يحدث الابتداع في الدين انقساما بين المسلمين ، فالمتشددون أضر من المتساهلين لأن الناس يحسنون الظن بهم ، وهم حين يتمكنون يسيئون للمعتدلين القائمين على حدود الشرع باتهامهم بالتساهل ومجاملة الوجهاء والعامة. وفي العقود الأخيرة وقع ضررٌ كبير غير المبالغة في دعوى الطهورية ، وذلك من اعتقاد المتشددين ضرورة إقامة كيان لتطبيق الشريعة حسب فهمهم ذلك باعتبار الآخرين مذنبين إذا لم يعملوا معهم على إقامة ما يرون أنه الدين ، حتى أصبح السعي الحثيث لذلك جهداً انتحارياً آخر أكثر ضررا بالقائمين على دينهم ، وأكثر ضررا بالمسلمين في استقامة أمور دينهم ودنياهم. وحصل بذلك تسارع كبير لبلوغ أهل التشدد هدفهم بأقصر وقت في جوانب عدة أبرزها الانحراف في مفاهيم الحسبة والجهاد حتى بلغ الحال حلول الفوضى ومنازعة السلطان حقه المشروع وتهديد الاستقرار وسفك الدم الحرام ، وإهلاك الحرث والنسل وعذر هؤلاء بُبل مقصدهم ، أو تقديس مدعي العلم فيهم ، وعد الساعي في ذلك مقدساً في نظر نفسه وهدفه مقدساً وأصبحت الغاية تبرر الوسيلة. مع أنهم ينظرون فيقولون لا عصمة لأحد في شخصه أو مقالته وكل يؤخذ من قوله ويترك إلا رسول الله ولكن عملهم حقيقة بخلاف ذلك. لقد أثار ذلك التشدد انقسامات بالداخل والخارج وخروجا على المجتمعات والسلطات وعدم اعتراف بإسلام الآخر أو حقوق المواطن . كل هذا التطرف في العقود الأخيرة بأعماله لعب الدور الأكبر إلى إساءة الظن بالإسلام والمسلمين وظهور التطرف واستمراره وعملقته ، فعطل المصالح العامة وأفسد العلاقة بالعالم ، واستعلت بسببه حروب كان الناس في غنى عنها لو عقل هؤلاء كتاب الله وسنة رسوله الصحيحة وقدروا مصالح دينهم ودنياهم وأمتهم في عالم ما عاد يمكن العيش فيه بعزلة أو إنفراد. إنه ليس من حق أحد اعتبار رأيه ديناً يفرض على الناس إتِّباعه ، وليس من حق أحد الانفراد بتأويل القرآن أو السنة أو تحليل الحرام أو تحريم الحلال أو ابتداع واجبات دينية ونهج غير نهج الكلمة السواء ، والاعتدال في الدين والتفكير والقول والعمل (قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين). [email protected]