تتكرر سنويا مشكلة القبول في الجامعات، وكأن الأمر لا يخضع لثوابت تراعي أي زيادات في أعداد الطلاب الذين يطمحون للدراسة الجامعية، فتبادر تلك الجامعات إلى التضييق عليهم في القبول من خلال رفع نسب القبول وبالتالي اتساع الفجوة العلمية وإرجاع كثير من الطلاب إلى مربع التعليم العام وربما إيقاف حظهم عند محطة الشهادة الثانوية رغم أن كثيرا منهم يملك الطموح والدافع، ولكن الجامعات تتعامل ببرود ومنهجية موضوعية قاتلة ومحطمة للطموحات والآمال. بعض أبنائنا يبتكرون أجهزة ونظم تقنية وعلمية وتحصل على براءات اختراع، وهي يمكن أن تكون مشروعات بحثية وعلمية تخضع للشروط العلمية بحيث تصبح موضوعا لرسالة ماجستير أو دكتوراة، ولكن ليس لدى جامعاتنا أنظمة تمكنها من رعاية واكتشاف وتطوير قدرات الموهوبين، وكل ما يهمها رفع نسب التحصيلي والقدرات للطالب وفي الواقع جامعتنا حققت نجاحا كبيرا في التضييق على الطلاب وذلك في مسارين، قبول نسبة ضئيلة في الجامعات، وأيضا قضت على أحلام الكثير منهم في الحصول على تخصص يوافق ميولهم وطموحاتهم، وكما أن التعليم العام حق تقرره الأنظمة والاستراتيجيات الوطنية وحقوق الإنسان، فكذلك التعليم العالي في عصرنا الراهن من الحقوق التي ترفع الأمم والشعوب والمجتمعات، وربّ مرفوض من الجامعات أكثر تميزا من مقبول بواسطة. في الغرب ينظر إلى قدرات الشخص بمعايير أفضل من التي لدينا، وقد يحضّر شخص لا يملك من التعليم سوى الشهادة الابتدائية لدرجة الدكتوراة في جامعة عريقة مثل كمبردج البريطانية، وقد حدّثني دكتور أكاديمي عربي أن هذه الجامعة يمكن أن يتقدم اليها شخص لم يكمل المرحلة الابتدائية بأطروحة وخطة بحث ينظر فيها بروفيسور فإن وجدها تصلح للبحث أجازها ومن ثمّ ينجزها تحت إشرافه وتمر بإجراءات التسجيل والبحث الروتينية إلى أن يقف في المرحلة النهائية أمام المناقشين ويمنحونه درجة الدكتوراة، وأتحدّى أن يحدث ذلك في جامعة من جامعاتنا. بعض أبنائنا يبتكرون أجهزة ونظم تقنية وعلمية وتحصل على براءات اختراع، وهي يمكن أن تكون مشروعات بحثية وعلمية تخضع للشروط العلمية بحيث تصبح موضوعا لرسالة ماجستير أو دكتوراة، ولكن ليس لدى جامعاتنا أنظمة تمكنها من رعاية واكتشاف وتطوير قدرات الموهوبين، وكل ما يهمها رفع نسب التحصيلي والقدرات للطالب، في حين أنه يمكن أن يكون أفضل وأكثر تميزا ممن تم قبولهم، ولذلك أصبح طلابنا أمام عقبة القبول لا يعرفون إلى أين يذهبون وماذا يفعلون في حياتهم بعد تحطيم آمالهم، فهل الهدف من تصعيب القبول هو تحطيم طموحات الشباب، لأنهم في الحقيقة مع التحصيلي أصبحوا أكثر سوءا. بإمكان طلابنا المقتدرين الذين لم يتم قبولهم في جامعاتنا أن يحصلوا على قبول في الجامعات الأمريكية والغربية بدون تحصيلي وقدرات، فهل جامعاتنا أفضل من تلك الجامعات؟ هناك خلل مؤكد في مرونة نظام القبول ووضع العراقيل أمام الطلاب، ومع تعدد الجامعات وتنوع تخصصاتها ووفرة ميزانياتها لا أرى مبررا لتحجيم القبول، خاصة وأننا نتجه لتأسيس مجتمع المعرفة، وبدون دراسات عليا وتعليم جامعي حقيقي يستكشف القدرات بأفضل من النظم الحالية فلن نصل إلى ذلك المجتمع، وقريبا سنجد أنفسنا متخلفين عن الركب، لأن كثيرا من الدول تحرص على تأسيس جامعات عامة ومتخصصة في مجالات المعرفة من أجل استيعاب أبنائها، فالتعليم الجامعي نفسه محفز لاستكشاف الذات والنهوض بها، ولكن هؤلاء لا يحصلون على فرصتهم العلمية وبالتالي تلعب الجامعات دورا سلبيا قاتلا تجاه الطلاب، ما يجعلنا نأمل في إعادة النظر في سياسة القبول وتوسعتها قليلا حتى يعبر الطلاب من خلالها بدلا من إلقائهم في المجهول والمستقبل المظلم.