تعني البطالة عدم توافر الفرص الوظيفية للباحثين عنها بالرغم من توافر الكفاءة والمؤهلات فيهم. أما الفساد فيعني مخالفة الأنظمة والقوانين وأخلاقات المهنة في التعاملات التجارية والخدمية الحكومية لخدمة المصلحة الشخصية على حساب المصلحة الوطنية العامة. والحقيقة التي لا مجاملة ولا محاباة فيها أن الفساد ساهم بنسبة كبيرة في ارتفاع معدل البطالة في المملكة، وقد تكون هذه النسبة قريبة من 70% إلى جانب عدم رغبة معظم شركات القطاع الخاص في توظيف السعوديين لأسباب قانوينة تلزمها حتى وإن كان أداؤهم متدنياً. وقد أشارت دراسات في الدول الصناعية المنقدمة إلى علاقة طردية قوية بين معدل البطالة ومستوى الفساد، أي أنه كلما زاد مستوى الفساد المالي والإداري زادت نسبة البطالة لأن المفسدين يستنزفون المال العام والخاص لخدمة مصالحهم الخاصة مما يقلل من التوسع في الخدمات الحكومية وخدمات ووظائف القطاع الخاص وبالتالي يرتفع معدل البطالة. وقد أشارت دراسات في الدول الصناعية المنقدمة إلى علاقة طردية قوية بين معدل البطالة ومستوى الفساد وهذه الاستنتاجات منطقية، بل استنتجت هذه الدراسات أن البطالة والفساد يساهمان بدرجة كبيرة في عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي، إضافة إلى عدم ثقة المستثمرين الأجانب في الدولة التي يسيطر عليها الفساد بشتى أنواعه. ولنا أمثلة كثيرة وحية في نيجيريا وبنجلادش وسوريا التي ينخرها الفساد في ظل الضعف المالي لتلك الدول. ولا يمكننا إصلاح مشكلة البطالة بينما الفساد يضرب بأطنابه في الدولة والمجتمع بالرغم من حرص ولاة الأمر على الحد منه لأن مصلحة المفسدين أصبحت فوق أي مصلحة عامة من جهة ولأن هيئة مكافحة الفساد «نزاهة» لا تملك العصا السحرية للخلاص منه من جهة أخرى. المجتمع يشارك في الفساد، على سبيل المثال التعامل مع العمالة الهاربة السائبة والتستر التجاري والرشوة والواسطة الضارة والمجاملة والمحاباة. الموظفون والمسئولون الحكوميون الفاسدون هم من المجتمع ويشكلون نسبة في الوظائف الحكومية، وهم منا وليسوا من المريخ أو زحل. ورجال وسيدات الأعمال الذين يتهربون من توطين الوظائف هم منا وليسوا من المشتري أو كوكب آخر. الحلول تكمن في نظام منكامل يلاحق المفسدين الذين ينهبون المال العام ويسيئون للدولة والشعب، بحيث يطبق النظام على الجميع، بل يجب أن يسود العدل والنظام على كل مواطن ووافد، بحيث لا تتاح فرصة للفساد والتهرب من توظيف المواطنين. ويجب أن تكون آلية العقاب واضحة ورادعة ومخيفة، بل وشبيهة بعقوبة التهرب من مصلحة الضرائب «للعم سام» في الولاياتالمتحدةالأمريكية. ويجب توفير المزيد من الدعم المالي لهيئة مكافحة الفساد لتوظيف الموارد البشرية المدرية على طرق كشف الفساد وملاحقة المفسدين وتنفيذ العقوبة الرادعة. وأرى أن العمالة المقنعة تدخل في الفساد، لذلك يمكن لهيئة مكافحة الفساد جعلها ضمن مهماتها للكشف عن المساهمين فيها ومعاقيتهم. جامعة الملك فهد للبترول والمعادن [email protected]