لاشك ان معظم أبناء جيلي، وبالتحديد من ولد في اوائل الخمسينات في المنطقة الشرقية، قد عاصر نشأة وتطور شركة ارامكو كما خالط وتحدث مع بعض العمال السعوديين والذين بسواعدهم وجهودهم تم حفر الآبار واستخراج النفط، حينئذ شكلت ارامكو محط انظار الكبار واهتمام الصغار من الجيل الناشئ. تعّود هذا الجيل على سماع اخبار الاستكشاف والحفر والانتاج والتكرير من العاملين في الشركة من الاهل والمعارف، كما أصبحت اخبار ارامكو محور الحديث في معظم المجالس، وكان العاملون السعوديون يرون بحماس طبيعة اعمالهم وانجازاتهم فينشرون المعلومة باسلوب مبسط، وساهمت ارامكو في تعزيز نشر الثقافة والمعلومة النفطية عن طريق اتاحة الفرصة لطلاب الثانوية بزيارة مرافقها الانتاجية، في رأس تنورة، وبقيق والظهران، كما ساهم معرض الزيت بتوفير المعلومة التقنية بشكل شيق وترسيخها في الاذهان عبر مشاهدة النماذج الحية لمراحل الاستكشاف والحفر والانتاج والتكرير والتسويق. تضاءل اهتمام الجيل الناشئ والطبقة المثقفة على وجه العموم بالثقافة والمعلومة النفطية واكاد اجزم واتمنى ان اكون مخطئا، ان الجيل الحاضر ليست لديه المعرفة النفطية التي كنا نحظى بها وبتطور الوضع الاقتصادي للمملكة حيث اصبح هناك العديد من الشركات، فلم تكن ارامكو الشركة الوحيدة في المنطقة التي يتمحور حولها الحديث وتتجه اليها كل الانظار، وفي زحمة التطور الاقتصادي والصناعي تضاءل اهتمام الجيل الناشئ والطبقة المثقفة على وجه العموم بالثقافة والمعلومة النفطية واكاد اجزم واتمنى ان اكون مخطئا، ان الجيل الحاضر ليست لديه المعرفة النفطية التي كنا نحظى بها. ولو اجري استطلاع بين طلاب الثانوية والجامعة والطبقة المثقفة والمجتمع بقياس مدى اطلاعهم ومعرفتهم بصناعة النفط ومتغيراتها وتأثيرها في الاقتصاد المحلي والدولي، فربما نفاجأ بضآلة الثقافة النفطية بين الغالبية منهم بغياب الحرص والاهتمام بالمتابعة والبحث في شئون النفط والغاز. حدث هذا بالرغم من ان النفط يشكل عصب الاقتصاد السعودي ورؤيته وشريانه التاجي وبالرغم من ان المملكة تحتل المرتبة الاولى عالميا في حجم الانتاج والتصدير والاحتياطي المؤكد من النفط، كما تحتل المرتبة الرابعة عالميا في احتياطيات الغاز الطبيعي ، وبالتالي ليس مقبولا او مستحسنا ان تتواجد أمية نفطية في اقتصاد نفطي، حيث يقوم النفط بدور اساسي وكبير في اجمالي الناتج المحلي وفي الميزانية العامة للدولة وميزان المدفوعات كما يساهم بشكل مباشر وغير مباشر في الكثير من الصناعات الاستراتيجية والانشطة الاقتصادية. ندرك جميعا افراد ومؤسسات، ان الثقافة النفطية اصبحت امرا ملحا وضروريا تحتمه اهمية دور النفط والغاز في حياتنا واقتصادنا ومستقبل اجيالنا، فنشر الثقافة النفطية بين مختلف افراد المجتمع هو جزء من المسئولية المجتمعية وهي مسئولية مشتركة لعدة جهات من اهمها الشركات العاملة في صناعة النفط، ووسائل الاعلام المقروء والمرئي ووزارة التعليم العام ومراكز البحوث والجامعات. ليس المطلوب نشر ومعرفة المعلومات والتفاصيل التقنية الدقيقة، بل نشر الثقافة النفطية العامة وايصال المعلومة المتخصصة في مجال الطاقة وبالاخص ما يتعلق بالنفط والغاز لتعريف القارئ العادي والمهتم بأساسيات الصناعة واسواقها وتأثيرات المناخ الجيوسياسي والقاء الضوء على المتغيرات التقنية المهمة والتعريف بمصادر الطاقة البديلة المنافسة والتعريف بالمنظمات الاقليمية والدولية المتخصصة وتسليط الضوء على الحملات العدائية ضد سياسة دول الاوبك ومناقشتها والرد عليها، ولابد من تضافر الجهود من كل الجهات المسئولة لمحو الامية النفطية ونشر المعرفة والمعلومة المتخصصة.