لم تقف فعاليات سوق هجر المقام في قصر هجر الأثري بوسط الهفوف الذي نجح في نقل مرتاديه لواقع افتراضي كامل صوّر ببراعة تاريخ بني عبد القيس بكل جوانبه في حقبة زمنية كانت علامة فارقة في تاريخ الأحساء العريق، مسابقة الطهي ( تصوير : إبراهيم السقوفي ) بل إن رؤية وأهداف هذا السوق الذي جعل من التاريخ شعاراً له والثقافة والتراث والفنون والأدب رسائل كانت أبعد مما توقع الجمهور، هذه الرؤية البعيدة الفاحصة هي التي قادت الفريق المنظم والمنفذ للسوق لتدشين برنامج إنشاء أطول لوحة خطية قماشية شعرية ستكتب عليها أبيات شعرية تم انتقاؤها بعناية لأبرز شعراء بني عبد القيس مثل طرفة بن العبد، والفرزدق، وجرير، ومالك بن نويرة، وابن المقرب، وغيرهم ممن تغنوا في شعرهم بجمال معالم هجر التي منها جبل المشقر ونهر محلم باستخدام ألوان وفنون الخط العربي الجميل، ومن روائع هذا العمل الضخم أن العمل فيه سيكون حياً ويومياً أمام الزوار ما سيمنحهم متعة مشاهدة هذا العمل الفريد. « اليوم « التقت بقائد فريق العمل للوحة الخطاط عباس بومجددا أمام اللوحة فقال : «نحن عازمون على أن نخرج من المهرجان ببصمة عالمية عبر دخولنا موسوعة جينيس العالمية بأطول لوحة تبلغ ستين مترا، وتم التنسيق لذلك مع الموسوعة لأخذ الضوابط والشروط، وكان سوق هجر هو انطلاقتنا، منوها بأن الاحساء ليست غريبة على موسوعة جينيس، لكن نريد عبر مشاركتنا هذه تأكيد النجاحات التي دونت للأحساء سابقاً، وأضاف أن فريق العمل سيضم نخبة من فناني الخط العربي من شباب الاحساء وهم مصطفى الغانم وقاسم الأحمد ومحفوظ العباد وعبد الله المحمد صالح» منادي السوق ذلك الفارس الذي يجوب بخيله العربية الأصيلة أركان السوق مرتدياً زي بني عبد القيس لينادي بالفعاليات بين الزوار معلنا عن البرامج، وهو يردد «يا أهل الاحساء، يا زوار سوق هجر ، جاءنا نبأ البدء بعرض الأوبريت، هلموا إلينا «وسرعان ما يتجاذب الزوار لحجز مقاعدهم.. هو صورة أخرى مميزة من عدد من الصور الرائعة التي حملها السوق التي ابتكرتها اللجنة المنظمة كأسلوب جديد للإعلان عن فعالياتها، ولم يلعب المنادي دور المعرف وحسب، بل إنه كان حريصاً على أن ينقل بصوته الجهور بين الفينة والفينة رسائل تربوية هادفة للزوار للتعريف بعراقة الاحساء وثقلها التاريخي والحضاري والثقافي. «سوق هجر لم يكتف بعرض قصص وحكايات فقط ، بقدر ما يقدمه من رسائل تربوية هادفة عبر تعزيز الشجاعة والأمانة والخصال الحميدة التي كان رجال بني عبد القيس يتصفون بها» من جهة أخرى قال عبد اللطيف العفالق الرئيس التنفيذي للمهرجان : «إن سوق هجر لم يكتف بعرض قصص وحكايات فقط، بقدر ما يقدمه من رسائل تربوية هادفة عبر تعزيز الشجاعة والأمانة والخصال الحميدة التي كان رجال بني عبد القيس يتصفون بها .. واستطعنا أن نقدم للزائر حزمة ثقافية تاريخية مبطن فيها العديد من الرسائل التربوية الهادفة، فيما أشار الى أن سوق هجر كان حريصا على أن يقدم كل الفعاليات مطبوعة على هويتها تلك الحقبة الزمنية من لباس الزي للعاملين ومرورا بالحرف التراثية وركوب الخيل والجمال ومسابقة الزي الهجري وغيرها الكثير، مؤكدا ان اللجنة عازمة على عمل حكايات بني عبد القيس وتاريخ الاحساء في أفلام كرتونية لنتمكن بقوة من الوصول إلى ثقافة أبنائنا الصغار ورسم ثقافة الاحساء لديهم بأسلوب مدروس وبإشراف نخبة من المختصين، فيما نوه العفالق بأن سوق هجر ليس وقفاً على حكايات ليالي بني عبد القيس وإنما هي تواصل للحكايات التي قدمها السوق في السنة الماضية، محتفظا بالعديد من الأفكار التي تنوي اللجنة طرحها في السنوات المقبلة، مؤكدا أن النهج الثقافي سوف يستمر وبأساليب متعددة ومدروسة بشكل رائع». على صعيد آخر زارت السوق مجموعة من أيتام محافظة جدة الذين سروا بالفعاليات المختلفة وأشادوا بها، مؤكدين أن السوق نجح في إيصال أهدافه المتمثلة في إعادة تصوير مظاهر المهن الهجرية القديمة وتقريب الصورة للكيفية الحياتية التي كان عليها بنو عبد القيس، وإيجاد ثقافة عامة لدى المتلقين من جمهور السوق وزواره بهذه الحقبة التاريخية.