يمكن وصف هذا الأسبوع في تركيا بأنه «اسبوع سعودي بامتياز» فيوم الاثنين قدّم السفير السعودي الجديد اوراق اعتماده بعد شغور هذا التمثيل لأكثر من عامين واليوم الثلاثاء يصل ولي العهد وزير الدفاع الأمير سلمان بن عبدالعزيز الى انقرة في زيارة تأجلت أكثر من مرة منذ كان أميرا لمنطقة الرياض، ولعل أهمية الزيارة تكمن في التوقيت حيث تمر منطقة الشرق الاوسط بأخطر ازمة انسانية وسياسية وهي الازمة السورية والتى أصبحت تهدد استقرار دول المنطقة بأكملها، وتمثل الازمة السورية مثالا واضحا للاحتياج الإستراتيجي المشترك لكلا البلدين ولأهمية تفعيل علاقات الدولتين بصورة أسرع فالضرورة الحتمية تستلزم توثيق العلاقات بين البلدين على المستويات الاستراتيجية كافة وخاصة في ظل تصاعد التهديدات المشتركة ،كما تكمن أهمية الزيارة بان الأمير سلمان وزير للدفاع في وقت تتنامى فيه العلاقات العسكرية الثنائية بشكل مطرد . هناك حاجة ملحة لبناء علاقات ذات أبعاد استراتيجية تخدم البلدين وخاصة تجاه السياسة الإيرانية الحالية والمتمثلة في تقوية سيطرتها في العراق والبرنامج النووي الإيراني وخطط إيران لاستخدام العامل المذهبي في منطقة الخليج والمخاطر التي تتعرض لها تركيا تاريخ العلاقات السعودية التركية يعود الى معاهدة الصداقة في شهر أغسطس العام 1929م ومرت العلاقات بفترات غلب عليها البرود والدفء ، حتى بدأ عصرها الذهبي منذ وصول حزب العدالة والتنمية للسلطة بعد فوزه بانتخابات 18 نوفمبر 2002م حيث كان واضحا توجه القادة الجدد الى تغيير اولويات السياسة الخارجية التركية والتي اتجهت لتعزيز علاقاتها أكثر مع محيطها العربي والاسلامى ومساندة الفلسطينيين وخفضت بشكل واضح علاقاتها مع إسرائيل وابتعدت عن الاتحاد الأوروبي ، وظهرت في تركيا نخبة سياسية جديدة تفهم منطقة الشرق الاوسط بصورة اكبر من سابقتها حيث ساعدت الخلفية الإسلامية لمعظم كوادر وقيادات الحزب لتؤكد ان تحرك تركيا تجاه جيرانها العرب خيار استراتيجي وليس تكتيكيا وتلا هذه التطورات الاحتلال الأمريكي لأفغانستان ثم العراق وسقوط نظام الرئيس صدام وتزايد نفوذ إيران في العراق وزيادة المخاطر مما جعل الفهم الواضح للتحديات والتهديدات التي تحيط بالبلدين توحد وتصلب الإرادة وتذلل أي عقبات تحول دون العلاقات الاستراتيجية ومن الجانب السعودي مثل وصول الملك عبدالله للحكم في اغسطس 2005 فرصة اضافية لتحسين العلاقات ومثلت زيارتا الملك عبدالله لتركيا خلال شهر أغسطس 2006م و اكتوبر 2007م نقلة إستراتيجية في تاريخ العلاقات و يمكن القول ان الإسلام اصبح يمثل مكونا فكريا مهما لكلا النظامين الحاكمين وهو بالنسبة للسعودية متغير ثابت ومتغير جديد في السياسة التركية. هناك حاجة ملحة لبناء علاقات ذات أبعاد إستراتيجية تخدم البلدين وخاصة تجاه السياسة الإيرانية الحالية والمتمثلة في تقوية سيطرتها في العراق والبرنامج النووي الإيراني وخطط إيران لاستخدام العامل المذهبي في منطقة الخليج والمخاطر التي تتعرض لها تركيا بسبب محاولة استغلال إيران العامل المذهبي ما يستلزم من البلدين ضرورة الانتباه لهذه الخطط وإيجاد الخطط المضادة لها لتقليل خطرها. الأوضاع في العراق ستمثل تهديدا مستقبليا للبلدين سواء فيما يتعلق بمستقبل وحدة العراق ووجود حكومة عراقية غير صديقة للبلدين ،كما ان استمرار سياسة الاستيطان الإسرائيلي واستمرار الانشقاق الفلسطيني واستمرار حصار غزة يمثل تحديا أمام القيادتين يتطلب منهما بذل جهود وتنسيق أفضل .. يجب الاعتراف بوجود جهات وأصوات منفرة ومشككة حالت دون وصول العلاقات لمستوى التعاون الاستراتيجي ،ولذا يجب على البلدين إيجاد نقطة مثلى لعلاقات متوازنة لتحقيق توازن المصالح للطرفين ومنع حدوث أي تراشق إعلامي على نحو قد يؤثر سلبا على تناغم العلاقات الثنائية . المرحلة المستقبلية تتطلب جهداً اضافيا عبر تكثيف قنوات الاتصال على أعلى المستويات نتيجة لأهمية استقرار المنطقة التي تعاني من اضطراب وتشتت سياسي ومذهبي وطائفي . تويتر: abdulahalshamri@