ذكر لي من أثق بقوله انه يعرف «جهانجير» العامل الوافد المتعدد المواهب، الذي يملك دافعاً هائلاً لكسب المال. وظيفة «جهانجير» هذا عامل توصيل لدى إحدى شركات توصيل الطرود، لكنها مجرد وظيفة توفر له «غطاء» للاقامة النظامية هنا ليمارس عمله الحقيقي وهو التجارة والاستثمار في الفرص الواعدة في أنشطة عدة، فمثلاً يملك «جهانجير» محلاً لبيع الجوالات واكسسواراتها وهو لا يعمل به بل يوظف فيه شخصاً يدير المحل، ولا يستطيع هذا الشخص أن يتلاعب فجهانجير يعرف البضاعة قطعة قطعة ويطمئن عليها كلما سنحت له الفرصة فهو الذي يزود المحل بالبضائع بما في ذلك تبديل الجوالات فيأخذ منك القديم بسعر منافس ويبيعك الجديد بسعر منافس فمصاريفه قليلة ويستطيع بز المنافسين، وهكذا..يحقق مكاسب من العمليتين بيعاً وشراءً. وبالاضافة لمحل بيع الجوالات تشمل محفظة «جهانجير» الاستثمارية عدداً من الانشطة المتستر عليها والتي انتدب لكلٍ منها مديراً. طريقته في تنمية الثروة بسيطة وعملية تعتمد على بذل الجهد وصرف الوقت دائماً للعمل، فجهانجير ليس لديه أي اهتمام آخر سوى أن يقوم بعمله «الرسمي» بكل اقتدار فهو رأس ماله الحقيقي، ولا يمنعه ذلك أن يطمئن أثناء ساعات الدوام الرسمي على «استثماراته» بالجوال باستخدام «واتسأب» فلا يكلفه ذلك شيئاً تقريباً، أما مالياً فيستفيد بالكامل من خدمات مصرفية الانترنت التي يتيحها البنك التجاري الذي يتعامل معه، ولا أستبعد أن يأتي إليه المدير الاقليمي للبنك قريباً ليعرض عليه تسهيلات وخدمات لقطاع الأعمال أخذاً في الاعتبار الايداعات اليومية المتواصلة والحساب الدائن المتعاظم لأنشطة جهانجير. ولا يستطيع أحد أن يمس جهانجير فوضعه نظامي؛ فهو يعمل في شركة محترمة نطاقها أخضر «غامق»، وهو متفانٍ في الالتزام بساعات الدوام وكسب رضا الجميع بل ويتمتع بعلاقات طيبة مع الزبائن وهم كذلك منافذ لتصريف بضائعه ونصائحه حول أفضل الجوالات واستبدالها وتزيينها، كما أنه يرتب اتفاقات «التستر» بحرفية فيأخذ المحل «قطوعة» وتكون مهمته تشغيل المحل بمقابل معلوم شهرياً لصاحب المحل فلا يقلق نفسه برخص وسجلات وايجار وفواتير. وقد يقول قائل إن أمام جهانجير تحديا بعد «حملة الجوازات». قد يكون، أما الأقرب فهو أن جهانجير سيستفيد من فرصة تعديل الأوضاع بأن يعدل أوضاع مدراء محلاته بأن يطلب من أصحابها أن يكفل كل منهم العمال المتستر عليهم، وهكذا سيستفيد جهانجير من أن عمالته غير النظامية أصبحت نظامية تماماً. ومن يدري فقد يكون جهانجير يستبق كل ذلك بأن يفكر في جمع كل أعماله في شركة برأس مال معتبر بمشاركة المتسترين عليه مشاركة هامشية وتصبح الشركة كفيلته ومن معه، وينهي بذلك ارتهانه لشركة التوصيل من جهة وللمتسترين عليه من جهة أخرى..وهكذا تمكن انطلاقة جهانجير الاستشرافية تعايشه مع ما بعد حملة الجوازات بأن يتحول من عامل كادح إلى مستثمر أجنبي، ويبدو لي أنه مستوفي لكل الشروط. توتير: @ihsanbuhulaiga