الازدحام سِمةُ المدن الحضارية والمتقدمة وهو نتاج طبيعي لإنزياح العديد من سكان القرى والمناطق للمدن سواء للدراسة أو للعمل. ولكن أن يكون الزحام بسبب علاقة اجتماعية افتراضية فهذا الشأن لا أعلم ما سرّه. أقطع بسيارتي أكثر من 50 كم يوميا للذهاب والعودة من عملي والذي يلفت نظري كل صباح ومساء ،أنّ هناك عقدةً نفسية اسمها (التواصل)، فالمبتدئ والمجتهد والخبير في السياقة يعشقون أن يكونوا (أونلاين) ل 24 ساعة متواصلة، وأكاد أجزم بأنهم يفيقون خلال فترة سباتهم الليلي والتي أقرّها الباري عز وجل بقوله في محكم كتابه (وجعلنا الليل لباسا)، ليعرفوا ما الجديد في (التايم لاين) وما آخر تغريدات المحبين. الحقيقة المُرّة والتي تذرف العيون من أجلها هي كم من أسرة فقدت حبيبا أو عزيزا والسبب الثاني بعد الحوادث المرورية هو استخدام الهاتف الجوال لاستخدام مواقع التواصل الاجتماعي. مواقع التواصل الاجتماعي عززت الهدف الصريح الذي كنا نسمعه منذ سنين (أن العالم بات قرية صغيرة)، ولكن للأسف سوء استخدامنا لهذه المواقع جعلها نقمة على الكثير من الأسر حتى بتنا نسمع من قريب أو بعيد بأن أسرة (فلان) يتواصلون فيما بينهم بالواتساب وماشابه وقت (اللمة العائلية). خذوا هذا المشهد المتكرر على الطرق السريعة والبطيئة، سيارة من الحجم العائلي لا تقاوم رغبتها في البقاء على الخط المخصص، فتراها تتمايل إن لم تكن تتراقص يمنة ويسرة لتكتشف بعدها بأن الأستاذ مالك السيارة مشغول في الرد على صديقه المحبوب في الفيس بوك أو تويتر. الحقيقة المرة والتي تذرف العيون من أجلها هي كم من أسرة فقدت حبيبا أو عزيزا، والسبب الثاني بعد الحوادث المرورية هو استخدام الهاتف الجوال لاستخدام مواقع التواصل الاجتماعي، الغرب يمتلك هذه التقنيات منذ القرن الماضي ،ومع ذلك لم نسمع بهذا الكم الهائل من الحوادث المميتة لديهم. من وجهة نظري على هيئة الاتصالات أن تقوم بحملات توعوية بالتعاون مع الأجهزة المختصة كالمرور عن مضار استخدام الأجهزة المحمولة وقت السياقة أو أن تقوم بقطع خاصية ال (3g) أثناء حركة المركبة بدل الخنق على عباد الله بإلغاء خدمات يحتاجها الناس، ودمتم وحفظ الله لكم آباءكم وأبناءكم في الحِلِّ والتِّرحال.