لأن دول مجلس التعاون ، ما شكلت يوما أي خطورة على أيٍّ من جيرانها التاريخيين.. ولأن هذه الدول، لم تحمل إساءة، أو توجّه تهديداً، فإنّه بات من المثير للحزن والأسف معاً، أن نجد نحن في هذه الدول، مثل هذا التعامل الإيراني «الجاف» والخارج عن كل الأعراف التاريخية والأخلاق الإسلامية، أو حتى التقاليد الديبلوماسية. محاولات التدخل الإيرانية، أصبحت صارخة، وبات من الواجب عدم السكوت عليها، بعد تحملها طويلاً، لن نقول: إن طهران، افتعلت مشكلة مع كل دولة من دول الخليج الست تقريباً. مع الإمارات، احتلت جزيرتي طنب الكبرى وطنب الصغري، وترفض حتى الآن كل صيغ الحلول السلمية. مع البحرين.. سلسلة طويلة من التهديدات والتدخلات غير المقبولة، واللعب على أوتار الفتنة الطائفية. مع المملكة.. صراع طويل، وافتعال قلاقل، واتهامات، وإساءات، ومحاولات فرد عضلات انتهى زمنها. مع الكويت، اختراقات، وشبكات تجسس، وترهيب وترغيب معروفة نتائجه. لا ننسى بالطبع، حرب الخليج الأولى مع العراق، والتي كانت مدعومة بأوهام القوة والنصر، والتي تأكد للإيرانيين فشلها مع هزائمهم المتتالية، وقبولهم لوقف النار وهو ما وصفوه يومئذ ب»تجرع السم»! كل هذا، ودول المجلس، تحاول الإبقاء على شعرة معاوية، وتحمل ما لا يطيقه أحد من السلوكيات الاستفزازية الإيرانية، والتي أوصلتنا في النهاية للتساؤل عما تريده القيادة السياسية في إيران بالضبط؟ المواقف العدائية الإيرانية من دول التعاون، أصبحت غير خافية على أحد، ومكشوفة للغاية، وإذا كنا كدول مجلس مرتبط بصيغة اتحادية ما، فلماذا تتدخل إيران في شؤوننا، ومن أعطاها الحق للتحدث باسم أيٍّ من شعوبنا؟ لا أحد بالتأكيد، ولكنها «اللقافة» السياسية، وأحلام الهيمنة والوصاية القديمة، التي كنا نعتقد أنها زالت مع زوال الإمبراطورية الشاهنشاهية، لكنها تكشفت للأسف، وأظهرت أن ما تغير ليس إلا الأقنعة! القادة الإيرانيون لم يفهموا أنه في حال استمرار الاختلال في العلاقات مع مجلس التعاون، فإنهم سيكونون أكبر الخاسرين، وستزداد عزلتهم الدولية، بعد أن اتسعت عزلتهم داخل إيران نفسها.