بالأمس كانت ابنتي تستقل الطائرة المغادرة من بيروت، وقد خرجت إلى المطار في الثانية بعد الظهر لتقلع عند الرابعة والنصف وكان من المفروض أن تصل إلى دبي عند الثامنة والنصف مساء، لكن الطائرة حطت في (أبو ظبي) لسوء الأحوال الجوية في دبي بسبب الأمطار والرياح الشديدة، تقول : في البداية أخبرونا بأننا سنهبط في الرياض ولم يحدث ذلك ثم قيل لهم: سنهبط في الدوحة ولم يحدث ذلك أيضاً وعندما سمح للطائرة بالهبوط في ( أبوظبي ) لم يسمح لهم بمغادرة الطائرة فظلوا فيها حتى الواحدة بعد منتصف الليل !! ولكم أن تتخيلوا حالة الركاب بعد معاناة من المطبات الهوائية الشديدة التي جعلتهم يتأرجحون في مقاعدهم تأرجحاً مرعباً جعلتهم يتمسكون بمقاعدهم بكل قوة جسدية ونفسية من شدة اضطراب الطيران والخوف والقلق من أي طارئ - لا سمح الله - وكان عليهم بعد ذلك أن يحتملوا الجلوس لساعات طويلة دون هواء مكيف واجبار ذاتي على منع الرغبة في استخدام دورة المياه التي كان يتعاقب عليها مئات الأشخاص بلا تنظيف، وهذا يتطلب من بعضهم الامتناع عن شرب الماء والاكتفاء بالقليل جداً من الطعام. هناك بالفعل من يستطيع أن يصنع من الملح الأجاج عسلاً سائغاً شرابه فقد كان ركاب الطائرة - ومعظمهم من اللبنانيين - يتعاملون مع الموقف بهدوء عجيب و (رواق) نفسي انعكس على الجميع بما فيهم الأطفال الذين لم يصدر منهم أي إزعاج من أي نوع. فقد بدأ الكبار يتركون مقاعدهم وينشرون روح الرضا بين الركاب بتجمعات يتبادلون فيها الحكايات كمجموعة من الأصدقاء حين يلتقون في مقهى ما ويلتقطون الصور التذكارية مع بعضهم ومع المضيفات على اعتبار أن هذه تجربة لا تتكرر وتستحق أن تحفظ لحظاتها في صورة ما، وعندما قدم لهم المشرب والمأكل في مطار أبوظبي كيف تتخيل مستوى حالة التذمر داخل الطائرة وارتفاع أصوات الأطفال وبكائهم والتهديد والوعيد من الكبار والسب والشتم الذي يصك المسامع الذي قد يصدر من بعضهم ! لكن الحقيقة أن شيئاً من هذا لم يحدث ! فهناك بالفعل من يستطيع أن يصنع من الملح الأجاج عسلاً سائغاً شرابه فقد كان ركاب الطائرة - ومعظمهم من اللبنانيين - يتعاملون مع الموقف بهدوء عجيب و (رواق) نفسي انعكس على الجميع بما فيهم الأطفال الذين لم يصدر منهم أي إزعاج من أي نوع. فقد بدأ الكبار يتركون مقاعدهم وينشرون روح الرضا بين الركاب بتجمعات يتبادلون فيها الحكايات كمجموعة من الأصدقاء حين يلتقون في مقهى ما ويلتقطون الصور التذكارية مع بعضهم ومع المضيفات على اعتبار أن هذه تجربة لا تتكرر وتستحق أن تحفظ لحظاتها في صورة ما، وعندما قدم لهم المشرب والمأكل في مطار أبوظبي شارك بعضهم في توزيعها على الركاب من باب التخفيف عن طاقم الطائرة الذين أيضاً كانوا في غاية الإجهاد، فصنع أولئك الإيجابيون جواً بعيداً عن التوتر النفسي فتعب الأجساد كان كافياً ولا يرغبون في مضاعفته، واستمر الحال كذلك حتى أقلعوا من جديد تجاه دبي ووصلوا بسلام وتمت اجراءات الجوازات بشكل أسرع من المعتاد مصحوبة بكلمات الاعتذار والتلطف التي تلتها سرعة استلام الحقائب بشكل خاطف لينتهي كابوس 12ساعة من الطيران والقلق والخوف والانتظار لتصل ابنتي بسلام وحفظ من الله عند الثانية بعد منتصف الليل إلى السكن الجامعي في الشارقة، في حين كانت طائرة العربية - التي غادرت من الدمام إلى الشارقة ببعض الطالبات - قد ارتفع فيها الصراخ والبكاء والانهيار النفسي والإغماء الجسدي لدرجة الاستعانة بالإسعاف عند الوصول !! نعم حقاً هناك من يحسن صناعة الفرق بالهدوء.