كل ما يطلبه لبنان منكم أن تحبوه.. تحبوه قليلاً.. (نزار قباني) من الذي عليه أن يحب لبنان قليلاً؟ الناس هنا في لبنان يحبونها كثيرا ونحن وأولئك ما أن نسمع اسمها حتى قلنا الله يا بيروت .. سلام يا بيروت. أنا في قلب لبنان منذ أيام قليلة . بيروت الصاخبة بالحياة .. مدها وجزرها ، عدلها وجورها.. وكل تناقضاتها التي صنعت جمالها وسحرها الخاص . الجرسون وسائق التاكسي والبائع وخباز المناقيش وصانع الكنافة كلهم يتذمرون.. يحبون بيروت ويلعنون من يأكلونها كقطعة حلوة شهية فلا يبقون منها شيئاً لها ولا لمن أحبتهم وأحبوها . وجه بيروت الجميل متعكر بما يفعلها الكبار فيها. أولئك الذين لا يضعون أقدامهم إلا على سجاد الفنادق الفاخرة. ويتحممون بالعطور الفرنسية الباهظة ويركبون السيارات الفارهة. وأولئك الذين يستبدلون عربات حبات الفراولة الشهية بالعربات المحملة بالرصاص والبارود. بالأمس كانت الجلسة تضم بعض أساتذة الجامعة اللبنانية ومجموعة من السعوديات وجاء الحديث على جفاف صحرائنا وانعكاسها على عباراتنا ونداوة الأرض اللبنانية التي عجنت مفرداتها باللطف والحب المشاع. يقول أحد الأساتذة عن مزرعته في شمال لبنان: كنت أرمي نوى بعض الفواكه في أرض المزرعة وأفاجأ بعد حين بأنها أنبتت شجرة تطرح خيراتها.* سائق التاكسي يقول: ادفع ما تريد فالقليل أفضل من لا شيء لأنه يقف ساعات طويلة بانتظار راكب ما. قد يقف يوماً كاملاً بانتظارك لمجرد أنه واثق بأنك ستلجأ إليه في النهاية مقابل 10 دولارات (40 ريالا) جمال الصباح البيروتي وكل الكلمات العذبة الندية التي يمتد عشبها في الأرواح لا يعكره سوى تلك الآهات التي تتردد في الأجواء من صدور الموجوعين في شوارع لبنان. بالأمس كانت الجلسة تضم بعض أساتذة الجامعة اللبنانية ومجموعة من السعوديات وجاء الحديث على جفاف صحرائنا وانعكاسها على عباراتنا ونداوة الأرض اللبنانية التي عجنت مفرداتها باللطف والحب المشاع. يقول أحد الأساتذة عن مزرعته في شمال لبنان: كنت أرمي نوى بعض الفواكه في أرض المزرعة وأفاجأ بعد حين بأنها أنبتت شجرة تطرح خيراتها. وفي إحدى المرات كان قد ألقى بنوى تمر جلبه له صديق من المدينةالمنورة ففوجئ بعد حين بأن النخلة المدينية شقت الأرض وخرجت بعد سنوات قليلة لا تتجاوز 6 سنوات وهي الآن تحمل أطيب البلح. وهذا بخلاف أصول زراعة النخيل في أرضنا التي لا تعترف بنخلة ناشئة من نواة كما هو الحال مع أخرى من فسيلة. فأخذنا الحديث إلى أثر الأرض على اللغة والعواطف والدلال والتدليل اللفظي بكلمات تغنج الآخرين وتطرب أرواحهم فقال أحد الأساتذة اعتراضا على إحدانا عندما قالت إن هذا يعتبر من (الدلع) الممقوت الذي يخاف المجتمع أن يعتاد عليه فقال: "ايه شو فيها اذا ادلعتي.. لك ادلعي ليفرجها الله". عبارة توجز فلسفة لبنانية طويلة وجميلة عن الحياة والتعامل معها ومسح قساوتها بطراوة الكلمة التي تجعل كل الأطراف راضية وهانئة بالقليل حتى يأتي الكثير. * حين عزمت على السفر إلى بيروت داخلني الخوف من سوء الأحوال الأمنية وسمعت تحذيرات كثيرة ولكني توكلت على الله ولبيت دعوة من الجامعة اللبنانية لتقديم بعض المحاضرات فوجدت أن بيروت هي بيروت.. تزداد جمالاً وتعلقاً بالحياة ولكنها مقهورة من أبنائها.. مجافاة من أصدقائها ومحبيها. لبيروت من قلبي سلام وقُبلٌ للبحر والبيوت لصخرة كأنها وجه بحار قديم هي من روح الشعب خمر هي من عرقه خبز وياسمين فكيف صار طعمها طعم نار ودخان. Twitter: @amalaltoaimi